محمد بن إبراهيم وقضى حق السلام عليه (١) قال : إلى كم يا بن رسول الله نوطئ الخسف ونركب بالعسف ، إلى كم تغضون أبصار شيعتكم ، أما والله لقد تركت بالكوفة سيوفا حدادا ، وسواعدا شدادا ، وأنفسا معلقة بكم ، وقلوبا نازعة إليكم ، وما بقي إلّا قدومكم حتى يقضي الله إحدى الحسنيين إما بفتح عاجل أو بموت (٢) مفرج.
قال : فتبسم ثم قال : يرحمك الله أنا على التقدير قبل التدبير ، والتفكر قبل العمل ، إن أصحابك قول بلا عمل ، وإقدام بلا روية ، وقيل «له : إن» (٣) بالباب قوم من الكوفة ، فأمسك عن الكلام وأذن لهم فدخلوا ، فعرفت عامتهم ، فسلموا عليه ورحب بهم ، وأكب بعضهم على عمي يسارّه بشيء لا أدري ما هو (٤).
قال : فأومأ إليّ أن اخرج ، فخرجت إلى صحن الدار ، فلم أزل أسمع (٥) الصوت يرتفع تارة وينخفض أخرى حتى خرجوا فخرجت معهم ، ومضينا إلى مكة فقضينا (٦) حجنا ومناسكنا ، ثم قدمنا إلى الكوفة ، فلم نزل معه نلي خدمته في حله وترحاله حتى وافاها ، وأقام بها أياما يكتم أمره ويخفي قدومه ، وكان رئيس الرؤساء ؛ يختلفون إليه يسألونه الخروج بهم ، وأخذ البيعة ، وهو يقدم ويؤخر في إجابتهم ، وكان يخرج سرا فيطوف في سكك الكوفة.
فلما حضرته الزيدية «قام فيهم خطيبا» (٧) فقال : الحمد لله الذي لم يتخوف أن يسبق فيعجل ، ولم يسرع إلى أحد ممن جهل حقه ، وكفر نعمته فيراقب ، بل متعهم بالنظرة ، وفتنهم بالتأخير ... إلى آخر الخطبة (٨).
__________________
(١) في (أ) : وقضى سلامه عليه.
(٢) في (ب ، ج ، د) : أو موت.
(٣) ساقط في (أ).
(٤) في (ب ، ج) : الشيء ما أدري ما هو.
(٥) في (ب) : أستمع.
(٦) نهاية الصفحة [٣١١ ـ أ].
(٧) ساقط في (أ).
(٨) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٢٧) وما بعدها.