ثم إن الحسن بن سهل دعا بالسندي بن شاهك (١) ، فقال له : ترى ما هجم علينا من هؤلاء القوم ، وقتلهم من قتلوا وأسرهم من أسروا ، وقد أردت توجيهك (٢) إلى هرثمة بن أعين وهو ممن قد عرفت عداوته لنا ، وإنكاره حقنا وسروره بكل ما دخل علينا من الوهن ، والنقص في دولتنا ، ولست أرجو قدومه ولا آمل رجعته ، وكتب إلى هرثمة ، قال السندي : فلحقت هرثمة بحلوان (٣) حين هم بالرحلة منها ، فلما قيل له : السندي بالباب أمر بإدخالي عليه ، فلما قدمت عليه وأخبرته الخبر ، وورد عليه كتاب من منصور بن مهدي (٤) في جوفه رقعة كتب بها إليه أبو السرايا فيها أبيات من شعر :
هزمت زهيرا واصطلمت جيوشه (٥) |
|
وقلدته عارا شديدا إلى الحشر |
وأوردت عبدوس المنايا وحزبه |
|
وأخرجت هارونا إلى أضيق الأمر |
وأيتمت أولادا أرملت نسوة |
|
وأنهبت أقواما فصاروا إلى الفقر |
فلما وصل إليه كتاب منصور وقرأ الشعر الذي فيه بكى حتى رأيت الدموع تنحدر (٦) على لحيته تحدرا وأمر قواده وجنوده بالمسير ، وتوجه نحو بغداد ، فلما وصل إلى النهروان تلقاه بنو هاشم وأشراف الناس سرورا بقدومه وتعظيما لأمره ، وارتفعت الأصوات بالتكبير والدعاء حتى دخل من أبواب خراسان فتلقاه النساء والصبيان بالضجيج والبكاء على قتلاهم ، ورفع إليه الأطفال واليتامى ، فلما رأى كثرة من قتل (٧) منهم بكى ، ثم قال : لا يهدى الله من كان هذا فعله ، وبعث إلى الحسن بن سهل رسولا يسأله تقويته بما في بيت المال من الأموال ،
__________________
(١) السندي بن شاهك. انظر : مقاتل الطالبيين ص (٤١٦ ، ٤١٧ ، ٤٣٦) ، الكامل لابن الأثير (٥ / ١٠٨ ، ١٣٦).
(٢) في (أ، د) : توجهك.
(٣) حلوان في عدة مواضع ، حلوان العراق وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد ، وأيضا بليدة بقوهستان نيسابور وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان ، انظر معجم البلدان (٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩٤).
(٤) في (ج) : المهدي.
(٥) في (ب ، ج ، د) : خيوله.
(٦) الأولى أن يقول : تنحدر ، وفي (ج) : تنحدر من على.
(٧) نهاية الصفحة [٣٣٠ ـ أ].