وبما في الخزائن من السلاح ، وأقام بالياسرية (١) يضيف أصحابه وقواده ، ثم توجه إلى نهر صرصر (٢) ، وتوجه أبو السرايا إلى نهر صرصر حين أتاه فتح المدائن (٣) ، وقد نزل هرثمة في الجانب الشرقي منه ، ونزل الرستمي ، وكان على مقدمته ، فلقي الرستمي فقاتله قتالا شديدا حتى انهزم وغلبه أبو السرايا على الجانب الغربي ، فأقام بنهر صرصر خمسة عشر يوما وليلة يترامون بالنشاب والحجارة ، ويقتتلون في السفن ، فلما ارتحل أبو السرايا من نهر صرصر أمر هرثمة عدة من القواد فاقتتلوا قتالا شديدا حتى انهزم أبو السرايا وقتل أخوه فركب وجهه هاربا إلى الكوفة ، واتبعه هرثمة فيمن معه من أصحابه وقواده (٤).
قال : وعسكر هرثمة بالجارية ، وعسكر أبو السرايا بالعباسية (٥) ، ولم يكن بينهما قتال كثير إلّا أن الطلائع تلقى الطلائع فيقاتل بعضها بعضا ، فأمرهم هرثمة بقطع شربهم ، وسد الفرات (٦) عليهم ، وأمر هرثمة من كان في عسكره من الفعلة ، وحشر أنباط (٧) القرى فسكّروا (٨) الفرات بالجارية ، وحفروا مغيضا (٩) يحمل الماء إلى الآجام ، والصحاري بمهل لينقطع عن أهل الكوفة.
__________________
(١) منسوبة إلى ياسر اسم رجل ، وهي قرية كبيرة على ضفة نهر عيسى ـ نهر صرصر ـ بينها وبين بغداد ميلان ، وعليها قنطرة مليحة فيها بساتين بينهما وبين المحوّل نحو ميل واحد ، معجم البلدان (٥ / ٤٢٥) ، وانظر (١ / ٣٢٢).
(٢) صرصر : قريتان من سواد بغداد ، صرصر العليا وصرصر السفلى وهما على ضفة نهر عيسى ، وربما قيل : نهر صرصر فنسب النهر إليهما ، وبين صرصر السفلى وبغداد نحو فرسخين ، وصرصر أيضا في طريق الحجاج من بغداد كانت تسمى قديما الدير ، أو صرصر الدير ، وقد يطلق عليها نهر الملك ، معجم البلدان (٣ / ٤٠١). ونهر عيسى : هو نهر عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ، وهي كورة وقرى كثيرة ، وعمل واسع في غربي بغداد يعرف بهذا الاسم ، ومأخذه من الفرات عند قنطرة ريما ، ثم يمر فيسقي طسوج فيروز سابور حتى ينتهي إلى المحول ثم تتفرع منه أنهار تتخرق مدينة السلام ثم يمر بالياسرية ثم قنطرة الرومية ... إلخ ، معجم البلدان (٥ / ٣٢١ ـ ٣٢٢).
(٣) انظر : معجم البلدان (٥ / ٧٤ ـ ٧٥).
(٤) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٤٤١) وما بعدها.
(٥) محلة كانت ببغداد ، وقد خربت. أمّا العباسية : فقال الحموي : العباسية محلة كانت ببغداد وأظنها خربت الآن ، وكانت بين يدي قصر المنصور قرب المحلة المعروفة اليوم بيات البصرة ، انظر : معجم البلدان (٤ / ٧٥ ـ ٧٦).
(٦) سد الفرات : انظر معجم البلدان (٤ / ٢٤١ ـ ٢٤٢).
(٧) أنباط : هم المشتغلون بالزراعة ، والأنباط أيضا شعب سامي كانت له دولة في شمال جزيرة العرب ، المعجم الوسيط مادة : (نبط).
(٨) في (أ، د) : فكسروا ، وهو تصحيف ، والمعنى هنا : أي أغلقوا نهر الفرات.
(٩) المغيض الذي يغيض فيه الماء.