احتشد واحتفل فخرج أبو السرايا إليه في أهل الكوفة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وصبر كلا الفريقين وامتدت بهم الحرب حتى انتصف النهار ، وحميت الشمس عليهم ، وكثر النداء في جانب الكوفة بالسلاح ، فلم يبق متخلف إلّا لحق بهم ، ولا متقاعد إلّا نهض للمعونة ، وخرج النساء ، والصبيان يرمون بالحجارة ، ويستقبلون الناس بالماء والسويق.
قال بعض الناس : رأيت أبا السرايا في ذلك اليوم يشد على الميمنة فيخالطهم فيضرب ويطعن ، ثم يرجز بالرماح (١) فيشد على الميسرة ، فيفعل فعله بالميمنة حتى أكثر القتلى ، وتخضبت كفاه بالدم (٢) ، وهو يقول :
وجهي مجني والحسام حصني |
|
والرمح ينبي بالضمير عني |
واليوم أبدي ما أقول مني |
عن نصر بن مزاحم عن عبد الله بن محمد قال : طرق هرثمة الكوفة يوم السبت لسبع خلون من المحرم ، فخرج إليه أبو السرايا بالناس «فاقتتلوا قتالا شديدا مليا من النهار ، ثم انصرف وقد ظهر على أهل الكوفة وقتل منهم وأسر» (٣) ، فلما أن كان يوم الخميس لأربع عشرة «ليلة» (٤) خلت (٥) من المحرم أقبل وقد «استعدوا» (٦) حتى وقف بالرصافة ، وعبأ خيله تعبئة الحرب (٧).
قال عبد الله : وقد كنت ممن وقف بالميسرة ، فخرج علينا رجل كأطول الرجال وأكملهم على فرس وفي يده درقة وسيف ، وهو يقول :
هل بارز للبطل المفارس |
|
«وراغب» (٨) في نصره منافس |
__________________
(١) في (أ) : الرماح.
(٢) نهاية الصفحة [٣٣٤ ـ أ].
(٣) ساقط في (أ).
(٤) ساقط في (أ).
(٥) في (أ) : خلون.
(٦) ساقط في (ج).
(٧) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٤٣) وما بعدها ، والطبري (١٠ / ٢٣٠) ، وقارن بين التاريخين ، وما سبق التنويه إليه.
(٨) في أصولي : الراغب.