يتبعهم ، ودعاهم إلى الإسلام فأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام ، فخمّس الغنائم ، ووزّع أربعة أخماسها على جنده ، وسار بهم راجعا وأسرع ليلقى رسول الله ، وخلّف عليهم أبا رافع فسألوا أبا رافع أن يكسوهم فكساهم ثوبين ثوبين ، فلمّا رجع إليهم عليّ وتلقّاهم جرّدهم منها فشكوه إلى النبي (١).
كان هذا موجز أخبار الغزوتين. أمّا خبر بعثه لجباية المال فقد قال البخاري وابن القيّم: أنّه كان لقبض الخمس (٢) وقال ابن هشام ومن تبعه أنّه كان لقبض الصدقة وجزية أهل نجران.
وهناك أخبار أخرى عن خرجات الإمام إلى اليمن منتشرة في كتب الصحاح والمسانيد والسير ، غير أنّها لم تعيّن في أي خرجاته كانت ، مثل ما رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد واللفظ للأوّل ، قال : بعث عليّ وهو باليمن إلى النّبي بذهيبة في تربتها (٣).
وفي رواية : في أديم مقروظ لم تحصّل من ترابها (٤).
في تربتها : أي أنّها غير مسبوكة ولم تصفّ من تراب معدنها ، وأديم مقروظ : جلد مدبوغ بالقرظ.
وهناك روايات عن إرسال النبيّ إيّاه قاضيا إلى اليمن وشرح بعض أحكامه عند ذاك مثل ما في مسند أحمد وسنن أبي داود ، باب كيف القضاء؟ عن عليّ ، قال :
بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن قاضيا ، فقلت : يا رسول الله : تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء ، فقال : «إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك».
__________________
(١) مغازي الواقدي ٣ / ١٠٧٩ ـ ١٠٨١ ، وإمتاع الأسماع ص ٥٠٣ ـ ٥٠٤ ، وعيون الأثر ٢ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٢) البخاري ٣ / ٥٠ باب بعث علي وخالد إلى اليمن ، وابن القيم بهامش شرح المواهب ١ / ١٢١ قال في فصل أمرائه : وولى علي بن أبي طالب الأخماس باليمن والقضاء بها.
(٣) البخاري ٤ / ١٨٨ كتاب التوحيد ، باب قوله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ ... ،) والنسائي ٢ / ٣٥٩ كتاب الزكاة ، باب المؤلفة قلوبهم ، ومسند احمد ج ٣ / ٦٨ و ٧٢ و ٧٣ ، وقريب منه في البخاري ٢ / ١٥٥ ، ومسلم كتاب الزكاة ح ١٤٣ ، وسنن أبي داود ٣ / ٣٠١ و ٤ / ١٧٤ باب تحريم الدم ، وص ٢٤٣ منه ح ٤٧٦٤ كتاب السنة ، باب في قتال الخوارج.
(٤) البخاري ٣ / ٥٠ كتاب المغازي باب بعث علي ، ومسلم ج ٢ / ٧٤١ ح ١٤٣ ، وص ٧٤٣ منه ح ١٤٤ ، ومسند احمد ٣ / ٤ ، وص ٣ منه بإيجاز مخل.