اتّخذ الإمام الصادق موقفه من حركة بني عمومته أبناء الحسن استنادا إلى ما دوّن في الجفر الأبيض ومصحف فاطمة ، وكان ينبئ أحيانا بني عمومته نتيجة أمرهم كما وجدها في ما ورث من كتب غير أنّ أبناء عمومته لم يكونوا ليقبلوا نصحه وقوله ، مثل ما رواه أبو الفرج في مقاتل الطالبين ، قال : إنّ جماعة بني هاشم اجتمعوا بالأبواء وفيهم إبراهيم بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، وأبو جعفر المنصور ، وصالح بن علي ، وعبد الله بن الحسن بن الحسن ـ السب ط ـ وابناه محمّد وإبراهيم ، ومحمّد بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان(١).
فقال صالح بن علي : قد علمتم أنّكم الّذين تمدّ الناس أعينهم إليهم ، وقد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إيّاها من أنفسكم وتواثقوا على ذلك حتّى يفتح الله وهو خير الفاتحين.
فحمد الله عبد الله بن الحسن ، وأثنى عليه ، ثمّ قال : قد علمتم إنّ ابني هذا هو المهدي فهلمّوا فلنبايعه.
وقال أبو جعفر ـ المنصور ـ : لأيّ شيء تخدعون أنفسكم ، وو الله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أطول أعناقا ، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى ـ يريد محمّد بن عبد الله ـ
قالوا : ق د ـ والله ـ صدقت إنّ هذا لهو الّذي نعلم فبايعوا جميعا محمّدا ، ومسحوا على يده. وأرسل إلى جعفر بن محمّد ـ الصادق ـ (٢).
وجاء جعفر بن محمّد فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى جنبه ، فتكلّم بمثل كلامه فقال جعفر لا تفعلوا! فإنّ هذا الأمر لم يأت بعد أن كنت ترى أنّ ابنك هذا هو المهدي فليس به ، ولا هذا أوانه ، وإن كنت إنّما تريد أن تخرجه غضبا لله وليأمر
__________________
(١) إبراهيم بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس الملقب بالإمام. كان صاحب دعوة بني العباس وسجنه مروان الحمار آخر الخلفاء الأمويين بحران ، وقتله سنة ١٣٢ ه تاريخ ابن الأثير ٥ / ١٥٨ ، ومروج الذهب للمسعودي ٣ / ٢٤٤. وأخوه أبو جعفر المنصور بويع بعد موت أخيه السفاح سنة ١٣٦ ه وتوفي سنة ١٥٨ ه في طريقه إلى مكة ودفن بمكة مروج الذهب للمسعودي.
ومحمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان المعروف بالديباج قتله أبو جعفر المنصور عام ١٤٢ ه بحران وبعث برأسه إلى خراسان.
(٢) وفي رواية قال لهم عبد الله بن الحسن : لا نريد جعفرا لئلا يفسد عليكم أمركم.