بعده؟ ألم تر كيف كان حال الناس مع معاوية بن أبي سفيان حين ظهر أمره عند صلح الإمام الحسن سبط النبي (ص) ، وريحانته من الدنيا ، وسيد شباب أهل الجنّة ، على ما سجّله البخاري في صحيحه في باب مناقبه من جزئه الثاني ، وسكوت الجميع عنه ، وهم يرونه ويسمعونه يسبّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على المنابر والمنائر ، ويقنت عليه في دبر كل صلاة وفي سائر الأوقات حتى شبّ على ذلك صغيرهم ، وهرم عليه كبيرهم ، وكان يضرب رقاب المسلمين على الولاية له (ع) ويحرّض الناس على سبّه ، وقد مرّ عليكم ما سجّله الإمام مسلم في صحيحه من أمره سعد بن أبي وقاص بسبّه (ع) وكان يعطى الأموال على البراءة منه (ع) ، وصرف الفضائل عنه (ع) ، ووضع المثالب فيه؟ ألم تشاهدوا حالهم مع يزيد بن معاوية وقتل الإمام الحسين ابن بنت رسول الله (ص) ، وحبيبه ، وقرّة عينه ، وريحانته من الدنيا ، وسيد شباب أهل الجنّة ، ظلما وعدوانا وسبي أهله ، ونسائه ، وذراريه ، وهتكهم بين الملأ ، وسيرهم على أقتاب المطايا ، في البراري والقفار ، من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى الشام ، واستباح حرم النبي (ص) في واقعة الحرّة ، وما أدراك ما واقعة الحرّة! تلك الواقعة التي سفك فيها دماء المسلمين ، وأباحها لجيشه ثلاثا ، وأظهر الردّة عن الإسلام على ما حكى ذلك كل من جاء على ذكرهم من مؤرّخي أهل السنّة وحفّاظهم كالطبري ، وابن الأثير في تاريخيهما ، وابن حجر الهيتمي في (صواعقه) ، وابن الجوزي في تذكرته ، وغيرهم من أهل السير وهكذا لم يزل الأمر في الأمّة يجري بعد يزيد من طغاة بني أمية وجبابرتهم وآل مروان وعمّالهم بل كان هذا ديدن الناس من عهد نبي الله آدم (ع) وبعده إلى الآن.
فنجم ممّا لخّصناه أنّ الناس دائما في سائر الأدوار بمختلف الأجيال ، ينظرون إلى من حصلت له السلطة بالاتفاق فينقادون إليه ،