ويقول الإمام البخاري في صحيحه ص ٨٤ من جزئه الثالث في باب قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).
عن أمّ المؤمنين عائشة (رض) أنّها قالت : «إنّ من حدّثك بأنّ محمدا (ص) كتم شيئا ممّا أنزل الله فقد كذّب بالقرآن» ويقول الدكتور علي أحمد السالوس في كتابه (فقيه الشيعة الإمامية) الذي ناقشناه في كتابنا (محاورة عقائدية) ص ٥٣ قال الإمام الشافعي قال رسول الله (ص) : «ما تركت شيئا ممّا أمركم الله تعالى به إلّا وقد أمرتكم به ، ولا تركت شيئا نهاكم عنه إلّا وقد نهيتكم عنه» وفي القرآن يقول الله تعالى كما تقدم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
فأي شيء يا ترى يبقى ممّا تحتاج إليه الأمّة لم يأمر به رسول الله (ص) ، أو لم ينه ، عنه ، حتى يقع مثل هذا الاختلاف بين الأئمة الأربعة؟ وما الذي يا ترى ضاع منهم ، أو التبس الأمر فيه عليهم ، من دين النبي (ص) الكامل حتى جدّوا في طلبه فوقع هذا الاختلاف بينهم؟ وإذا كان كاملا والنبي (ص) لم يترك شيئا من أوامر الله تعالى ونواهيه إلّا بيّنه (ص) لهم بيانا واضحا ، رافعا للالتباس ، فأيّ شيء يا ترى فات عليهم بيانه ، هو غير الدين ، حتى فتّشوا عنه واختلفوا من أجله هذا الاختلاف الكبير؟ فهذه أسئلة يجب الجواب عنها.
تاسعا : لو كان التمسّك بالكتاب والسنّة وحدهما يغني الأمّة من الوقوع في الضلال ، لما أوجب الله تعالى على المكلفين أن يسألوا المعصومين عمّا جهلوه من الكتاب والسنّة ، فقال تعالى في سورة النحل آية ٤٣ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فإن وجوب السؤال يستلزم وجوب الجواب ، ووجوب الجواب يستلزم وجوب