الأول : إنّ في بعض تلك الأحاديث لفظ السلطان ، والخروج عن الطاعة ، وليس في عنقه بيعة ، وذلك لا يصحّ أن يراد به القرآن إطلاقا ، لأنّه لا يفيده ، فلا يمكن حمله عليه.
الثاني : إنّ لفظ الإمام لا يفيد معنى القرآن عند الإطلاق ، ولا يتبادر ذلك منه إلى الذهن ، لا شرعا ، ولا لغة ، وكذا لفظ القرآن الذي معناه الجمع لا يفيد لغة معنى الإمام ، فلا يصحّ حمل أحدهما على الآخر عند الإطلاق ، وليس في الآية قرينة ، ولا في الحديث ، تدلّ على إرادته ، بل القرينة مضافا إلى ذلك قائمة على خلافه ، كما سيتضح لكم فيما يأتي.
الثالث : لو أراد به القرآن لعبّر به لكي يفيده ، ومن حيث أنّه (ص) عدل عنه إلى لفظ الإمام دونه ، علمنا أنّه لا يريده.
الرابع : لو أراد القرآن لزم بطلان قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) لأنّ القرآن لكل الناس في سائر العصور والأزمان لا لكل أناس ، لأنّه يفيد بأنّ لكل أناس إماما يدعون به ، وكذا الحال لو أراده من الحديث ، فإنّه موجب لبطلان تقييده بالزمان في قوله (ص) «إمام زمانه» أي زمان المكلف ، لوجود القرآن في كل زمان. فتخصيصه بزمان المكلف دليل واضح على أنّه لا يريد القرآن ، وليس في الله تعالى ، ولا في رسوله (ص) ، من أن يعبرا بالقرآن بدل تعبيرهما بالإمام ، لو أراداه فعدمه دليل على عدمه.
الخامس : لو أراد القرآن لوجب تعلّمه على كل مكلف ، وذلك لا يقول به أحد من المسلمين ، لا سيما من لا يرى وجوب حتى سورة الفاتحة كما هو المعروف من مذهب الإمام أبي حنيفة ، فإنّه قد اكتفى بالكلمة الفارسية (دو برك سبز) التي تعني بالعربية جملة (مدهامتان).
أمّا الإجماع : فإنّه لا خلاف بين المسلمين أجمعين في أنّ معرفة