أئمة الدين ، وخلفاء المسلمين بعد النبي (ص) ، واجبة على العموم ، كوجوب غيرها من فرائض الإسلام ، لم يختلف في ذلك اثنان من أهل الإيمان وقد نقل ذلك غير واحد من علماء أهل السنّة حتى أصبح ذلك متواترا عندهم فمنهم صاحب (المواقف) قال في مواقفه ص ٢٤ ما نصّه :
(تواتر إجماع المسلمين في الطبقة الأولى على امتناع خلو الوقت من خليفة وإمام يقوم بأمر الدين والدنيا) وقالت هيئة كبار العلماء في الجامع الأزهر في رسالتها المطبوعة سنة (١٣٤٤ ه) في مصر القاهرة من الطبعة الثانية ما نصّه :
(أجمعت الصحابة على وجوب نصب الإمام) وقالت أيضا في ص ٦ ؛ (قد أجمع المسلمون على امتناع خلو الوقت من إمام ونقل إلينا ذلك بطريق التواتر فلا سبيل إلى الإنكار).
وأمّا العقل : فتقريب الاستدلال به هو : إنّا نعلم بالضرورة أنّه يستحيل على الله تعالى الحكيم اللطيف أن يترك المكلفين من عباده مع ما هم عليه من حبّ الإثرة ، والأطماع ، وطلب العزّة والجاه ، واختلاف الطباع والأهواء ، مع بقاء التكليف عليهم بعد زمان النبي (ص) من أوامر ونواه ، بلا زعيم يقوم المعوج منهم ، ويقيم الحدود ، وينفّذ الأحكام ، ويهديهم إلى سبيل الرشاد ، ويرشدهم إلى الطريق المنجي في العاجل والآجل ، على ضوء ما أنزل لها الله تعالى لهم من الدين ، وبعث به نبيّه سيد المرسلين (ص) بينا نجد أنّه تعالى لم يخلق جوارح الإنسان إلّا وجعل لها مرجعا يصرّفها إلى أفعالها ، وأميرا يحكم في متشابهاتها ، أعني بذلك القلب فكيف يكون معقولا أن يترك الناس المنتشرين في الأقطار والبقاع ، في شعاب الجهل ، وحيرة الضلال ، يحكم فيهم سلطان الهوى ، والجهل والعمى ، فإذا كان هذا