يوم مات المنافق ابن أبيّ ، حتى جذبه بردائه وهو (ص) واقف للصلاة عليه على ما أخرجه البخاري في أول ص ١٨ من صحيحه من جزئه الرابع في الصفحة الثانية من كتاب اللباس ، وأنكر عليه (ص) الخليفة عمر (رض) أمره (ص) أبا هريرة أن يبشّر بالجنّة كل من لقيه من أهل التوحيد ، وضرب أبا هريرة وهو رسول النبي (ص) يومئذ في تلك الواقعة ردعا له عمّا أمره به النبي (ص) ضربة خربها إلى الأرض ، على ما أخرجه مسلم في صحيحه ص ٤٥ في أوائل الجزء الأول في باب «من لقى الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنّة وحرّم على النار» ، وأمر النبي (ص) الخليفتين أبا بكر وعمر (رض) بقتل رجل وأخبر بأنّه من شرّ الناس فتركا قتله ، ولم يمتثلا أمره (ص) ، على ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ص ١٥ من جزئه الثالث من حديث أبي سعيد الخدري ، وحكاه أهل السير من أهل السنّة بأسانيده الصحيحة.
وأنتم ترون بحكم ما تقدم من الأحاديث أنّ ذلك لم يوجب لهم العصمة من ارتكاب خلاف أمر الله تعالى ، وخلاف أمر رسوله (ص) مع قولكم فيهم أنّهم أهل السوابق ، والفضائل. ومن ذلك فرار الخلفاء الثلاثة (رض) أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وأبي عبيدة بن الجراح ، عن الزحف ، يوم أحد على ما سجّله الطبري في تاريخه ص ٢٠ و ٢١ من جزئه الثالث ، وابن الأثير في (كامله) ص ٧٥ من جزئه الثاني ، والحاكم في (مستدركه) ص ٢٦ من جزئه الثالث في كتاب المغازي وص ٢٧ من جزئه الثاني ، وحكاه ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) ص ٣٨١ و ٣٨٨ و ٣٩٠ من جزئه الثالث ، وحكاه حكيم أهل السنّة الشيخ القوشجي في شرحه للتجريد عند ذكر المؤلف لغزوة أحد ، والحافظ السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) عند تفسير قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ