قلت : ليس فيما ذكرنا لكم من الإجماع خلاف :
أمّا الشيعة الإمامية من فرق المسلمين فلا شكّ في أنّها على يقين قاطع بإمامته بعد النبي (ص) من غير فضل بالآخرين وتقضي له بذلك إلى حين وفاته (ع) وتحكم بخطإ من شكّ في ذلك.
وأمّا أهلّ السنّة كافّة فمتفقون على إمامته بعد عثمان بن عفان (رض) وإنّه لم تخرج عنه ، ولم يخرج هو عنها ، حتى توفّاه الله تعالى راضيا عنه ، سليما من الضلال.
وأمّا الخوارج وهم ألدّ أعدائه وأشدّ الناس له بغضا يعترفون له بالإمامة كاعتراف غيرهم له ، وإن فارقوه في النهاية ، وليس في الأمّة غير من ذكرنا خارج بمذهبه عمّا ألمعنا بخلاف غيره ، فإنّه لا إجماع عليه من جميع الأمّة كما تعلمون وأمّا إجماعهم على ما يوجب له (ع) الإمامة من الصفات والمؤهّلات فقد اتّفقوا بلا خلاف على اشتراكه (ع) مع النبي (ص) في رفيع النسب ، وكريم الحسب ، وسبق الناس كافة إلى الإقرار بنبوّته (ص) وبروز فضله ، وزهده ، وتقواه عليهم ، وشجاعته في جهاد المشركين والكفّار ، وظهوره على الجميع في العلم ، والمعرفة ، والأحكام ، ومعلومية حكمته في التدبير ، وسياسة الناس ، على الوجه الشرعي ، والقانون الإلهي ، وغناه بكماله ، مع احتياج غيره إليه ، في حلّ المشكلات والمعضلات ، وحسبك بعض هذه الملكات والصفات في أحقيته بالإمامة ، فضلا عن جميعها وقد توفّرت فيه لا في غيره من الصحابة.
وأمّا إجماعهم على الأفعال والأقوال من رسول الله (ص) فيه ، الدّالة على وجوب الإمامة له ، واختصاصها به (ع) ، فهو اتّفاق الأمّة على أنّ النبي (ص) قدّمه في حياته ، وأعطاه الإمارة على جماعة من أعيان أصحابه ، واستخلفه على المدينة عند خروجه إلى تبوك قبل