العرب ، وهم أشدّ بأسا من غيرهم ، ولأنّ القوم الذين حاربهم الخليفة أبو بكر (رض) بأصحابه لم يكونوا من أهل الردة على ما ذكره ابن حزم في (مسألة أحكام المرتدين) من كتابه (المحلّى) وإليكم قوله : «إنّ المتسمين بأهل الردة قسمان : قسم لم يؤمن قط كأصحاب مسيلمة ، وسجاح ، فهؤلاء حربيون ، لم يسلموا قط. لا يختلف أحد في أنّه تقبل توبتهم وإسلامهم. والثاني : قوم أسلموا ولم يكفروا بعد إسلامهم لكن منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلى أبي بكر (رض) فعلى هذا قوتلوا ، ولم يختلف الحنفيون والشافعيون في أنّ هؤلاء ليس حكمهم حكم المرتدين أصلا ، وهم خالفوا فعل أبي بكر (رض) فيهم ، ولا نسميهم أهل الردة» انتهى.
موضع الحاجة من كلامه ، ويقرر هذا ويؤكّده لكم ، إنّ الخليفة أبا بكر (رض) بنفسه ودى مالك بن نويرة من بيت مال المسلمين ، وفك الأسرى والسبايا من آله ، وأمر خالد بن الوليد باعتزال زوجة مالك ، على ما حكاه غير واحد من مؤرخي أهل السنّة وحفّاظهم كابن حجر العسقلاني في آخر ص ٣٧ وما بعدها من كتاب (الإصابة) من جزئه السادس ، وابن خلكان في (وفيات الأعيان) ص ١٧٩ من جزئه الثاني عند ترجمته لوثيمة بن موسى.
ولهذا قال الخليفة عمر (رض) لخالد كما في تاريخ ابن الأثير ، وغيره ممّن أرّخ هذه الواقعة : «قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنّك بأحجارك!» ، ثم قال للخليفة أبي بكر (رض) كما في ترجمة وثيمة بن موسى من (وفيات الأعيان) : «إنّ خالدا قد زنا فارجمه! قال : ما كنت لأرجمه ، فإنّه تأوّل فأخطأ! قال : إنّه قتل مسلما فاقتله به». ومن ذلك كلّه تستشرفون على القطع بإسلامهم وعدم ارتدادهم كما يزعمون فإنّا لله وإنّا إليه راجعون!!.