ثالثا : إنّ الآية إن كانت تريد وجوب طاعة المتقدمين (رض) على عليّ (ع) كما تدعون فليس بأولى من أن تريد طاعة معاوية ، ويزيد ، وبني أمية ، وآل مروان ، وذلك لأنّ أكثر فتوحات الشام ، وبلاد المغرب ، والروم ، وفارس ، كانت على عهد معاوية بن أبي سفيان وأمرائه كعمرو بن العاص ، وبسر بن أرطاة ، ومعاوية بن خديج ، وأضرابهم من أمرائه السفاكين لدماء المؤمنين بغير حق.
فإن ادّعيتم شمول الآية لهؤلاء كما ادّعيتم شمولها لأولئك الخلفاء (رض) المتقدمين على عليّ (ع) لزمكم أن تقولوا إنّ الله تعالى قد أوجب بعد نبيّه (ص) طاعة الفاسقين وأمر باتّباع الظالمين ، ونصّ على إمامة مرتكبي الفجور ، وشاربي الخمور ، وهاتكي الحرمات ، وقاتلي النفوس المحترمة ، من بغاة صفين ، وغيرهم من جبابرة بني العباس ، وذلك كلّه معلوم بالضرورة من الدين ، والعقل ، وإجماع المسلمين أجمعين بطلانه ، وذلك مثله باطل.
وإن منعتم شمول الآية لهم مع بداهة قتالهم بعد النبي (ص) لقوم من الكفار لهم بأس شديد ، منعنا شمول الآية للمتقدمين (رض) على عليّ (ع) ، إذ لا دليل لكم على تخصيص الآية بهم سوى التحكم والجزاف في الحكم ، وذلك ما لا تذهبون إليه.