لنا دفعه عن الخلفاء الثلاثة (رض) وعمّن جئتم على ذكرهم ، فعموم الوعد في الآية بالحسنى شامل بظاهره لجميع الصحابة ، لا خصوص من ذكرتم ، وقد أجمعت الأمّة على بطلان عصمة الصحابة من الذنوب ، وسلامتهم من العيوب ، ويشهد لذلك واقعهم العملي الذي لا سبيل إلى إنكاره إلّا ممّن تناهى به العناد إلى أن ينكر سواد الليل أو بياض النهار ، فإذا ثبت بطلان هذا كان ذلك مثله باطل.
ثالثا : إنّ الوعد في الآية إن أوجب للخلفاء أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) على ما ادّعيتم لهم من الإنفاق ، والقتال ، والعصمة من الذنوب ، لوجب ذلك لأبي سفيان بن حرب ، وولديه يزيد ومعاوية ، وعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد ، بل هؤلاء أولى وهم به أحقّ من المتقدمين على علي (ع) ، وذلك لقيام الإجماع عندكم على أنّ أبا سفيان بن حرب أسلم قبل الفتح ، وجعل النبي (ص) الأمان لكل من دخل داره بمكة ، كرامة له وتميزا له عن سواه ، وأسلم ابنه معاوية قبله بعام ، وكذلك كان إسلام يزيد بن أبي سفيان ، وكان لهم من الجهاد بين يدي النبي (ص) ما لم يكن للخلفاء الثلاثة (رض). فإنّ المذكور عندكم ومجمع عليه لديكم أنّ أبا سفيان أبلى يوم حنين بلاء حسنا ، وقاتل يوم الطائف قتالا لم يسمع مثله في ذلك اليوم لغيره ، وفيه ذهبت عينه ، وقد أرّخ ذلك كل من تقدم ذكرهم من الحفّاظ والمؤرّخين عندكم ، وكانت راية رسول الله (ص) مع ابنه يزيد وهو يقدم به بين يدي المهاجرين والأنصار ، ولأبي سفيان بن حرب مقامات معروفة في الجهاد ، وهو صاحب يوم اليرموك ، وفيه ذهبت عينه الأخرى وقد جاءت الأخبار أنّ الأصوات يومئذ خفيت فلم يسمع إلّا صوت أبي سفيان بن حرب ، وهو يقول : «يا نصر الله اقترب» والراية مع ابنه ، وقد كان له في الشام وقائع مشهورة ، ولمعاوية ابنه من الفتوح في بلاد الروم ، والمغرب ، والشام ، في أيام عمر ، وعثمان (رض) ، وأيام