خاصّة ، وإلى غيرهم عامّة ، فالله تعالى كما ترون قد نفى على سبيل الجزم والإطلاق أن يكون لهم الخيرة في إثبات شيء أو نفيه ، وأثبت ذلك لنفسه القدسية خاصّة ، لا يشاركه فيه أحد من العالمين أجمعين ، فلو كان ما يختاره الناس مختارا لله تعالى لكانت هذه الآية باطلة لا معنى لها وليس لها في الوجود صورة ، وبطلانه واضح وإذا ثبت هذا ثبت بطلان أن يكون اختيارهم ذلك مختارا لله تعالى ثم إن قوله تعالى في آخر الآية : (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يعطيكم صورة واضحة في أنّ اختيار الناس شرك يجب الابتعاد عنه ، والتخلص منه فكيف يا ترى يمكن أن يكون الشرك مختارا لله تعالى ، وهو ظلم عظيم؟!.
ومنها : ما ذكرناه من قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
فالله تعالى قد منع المؤمنين والمؤمنات في هذه الآية من أن يكون لهم الخيرة في شيء ، نفيا كان أو إثباتا ، سلبا كان أو إيجابا ، ممّا قضى الله تعالى ورسوله (ص) بنفيه أو إثباته ، وهذا ما يمنع المؤمنين من أصحاب السقيفة منعا باتّا من أن يختاروا إثبات أمر أو نفيه ، وألا يلزمكم أن تنسبوا لهم العصيان لنهي الله تعالى ، ومنعه ، ويلزمكم أن تقولوا بدخولهم في قوله تعالى في اخر الآية : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) واللازمان باطلان ومثلهما الملزومان في البطلان. وإذا تسجّل لديكم بطلان هذا وذاك ، ثبت عدم صحّة اختيارهم ذلك البتة.
ومنها : ما مرّ من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) :