قال (ص) : «أحقّكم بالإمامة أقرؤكم لكتاب الله» أي أعلمهم به. ومن ذلك تعلمون أنّ عمرو بن العاص أعلم من الخليفتين (رض) ، وأفضل منهما (رض) لذا أمّهما في الصلاة ، وغيرها بتأمير النبي (ص) له عليهما ، ولا يخفى عليكم بأنّ قولنا فيه (ورئيس الفئة الباغية التي تدعو إلى النار) إشارة منّا إلى ما تواتر نقله عن النبي (ص) من أنّه (ص) قال لعمّار بن ياسر الذي قتله معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وأتباعهما في صفين : «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» وقد ذكر هذا الحديث كل من جاء على ذكره وترجمته من حفّاظ أهل السنّة ومؤرّخيهم وحكموا بتواتره فلا سبيل إلى إنكاره.
وأمّا خالد بن الوليد فقد ثبت عندكم أنّ النبي (ص) قد أمره في حياته (ص) ، وأنفذه في سرايا كثيرة كما سجّل ذلك كل من جاء على ذكره من مؤرّخي أهل السنّة ، وحفّاظهم ، ولم يجد رسول الله (ص) للخليفتين (رض) أبي بكر ، وعمر (رض) ، ما يوجب تقديمهما على أحد أيام حياته.
فإنّ أخذتم جانب الإنصاف لجعلتم ما ذكر لهؤلاء القوم فضلا على من ادّعيتم اختصاص مضمون الآية بهم ، ولا أقلّ من أن تحكموا بالمساواة بين هؤلاء وأولئك في ذلك على سائر الأحوال ، وهذا كما تعلمون موجب لسقوط دعواكم التخصيص لأولئك دونهم كليّة.
رابعا : إنّ الآية تدلّ بصراحة على التفضيل ، وتقضي بالأجر والثواب لمن حاز الإنفاق ، والقتال معا ولم ينفرد بأحدهما دون الآخر ونحن لو فرضنا لكم جدلا أنّ للخلفاء أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) إنفاقا ، ولكن لم يكن لهم قتال قبل الفتح ، ولا بعده مع النبي (ص) ، على ما أثبتناه بالقطع لكم فيما تقدم حتى يجتمع لهم الأمران من الإنفاق والقتال ليكونوا مستحقين للتفضيل على غيرهم من سائر الناس.