فنحن نقول لكم إنّ طلحة ، والزبير ، أولى به منهم (رض) ، وذلك لما ظهر من مواقفهما في الجهاد الذي لم يكن للخلفاء أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، منه شيء كما تقدم تفصيله. وهذا ما لا سبيل لكم إلى إنكاره.
وإنّ قلتم : إنّ مدح القرآن لم يعصم طلحة ، والزبير ، من ارتكاب الخطأ ، وأنّ جحد ذلك جحد للضروري ، فيقال لكم : كذلك الحال في الخلفاء أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، فإنّ مدح القرآن على فرض دخولهم (رض) فيه لم يعصمهم من دفعهم (رض) عليّا (رض) عن حقّه ، وتقدّمهم (رض) عليه (ع) ، وكان هو أولى وأحقّ بالتقدم عليهم (رض) ، ولم يمنعهم من جحدهم إمامته (ع) وإنكارهم النصوص الواردة عن النبي (ص) فيه ، كما لم يعصم تعلّق المدح في الآية بطلحة والزبير ، عن نكثهما بيعته بعد الطاعة له (ع) ، فصدر من الخلفاء (رض) ما صدر منهما في حقّ علي (ع) لاندراج الجميع فيما ادّعيتم من مدح القرآن لهم (رض). وهذا ما لا تستطيعون دفعه عنهم (رض) لأنّ كل ما تقولونه فيهم (رض) نحن نقوله فيهما.
رابعا : إنّ صريح الآية يدلّ على مدح الموصوف بها بما كان عليه من الوصف في الحال. ولا دلالة فيها على دوام ما استحقّ من أجله من المدح والثناء في الاستقبال. كما لا دلالة فيها على عصمته من الخطأ مطلقا.
ألا ترون أنّ الله تعالى قد اشترط لهم في المغفرة والرضوان أن يكونوا مؤمنين في الخاتمة ، بما أوجب به من وصفهم ، ومدحهم من مستحقّيه ، في الحال دون الاستقبال ، فقال تعالى بعده ذلك : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ، فَآزَرَهُ ، فَاسْتَغْلَظَ ، فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ، لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ، وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا