الاعتدال) : «أفرط جهم في نفي التشبيه حتى قال : إنّه ليس بشيء ، وأفرط مقاتل في معنى الإثبات حتى جعله مثل خلقه».
وقال أبو حاتم بن حبان البستي في ترجمة مقاتل بن سليمان كما في (وفيات الأعيان) : «كان مقاتل بن سليمان يأخذ من اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم وكان مشبها يشبه الربّ بالمخلوقين ، وكان يكذب مع ذلك في الحديث» وقد سجّل أئمة الجرح والتعديل من أهل السنّة فيه ، وفي عكرمة ، وأمثالهما ، كلاما طويلا أوضح من ذلك في جرحهم ، وأصرح منه في قدحهم ، وسقوطهم ، وضلالهم ، وتضليلهم ، يضيق المقام عن تعداده ، وفيما قدمنا كفاية في فساد الرجلين وسقوطهما عن الاعتبار ، لا سيما في مثل هذا الموضوع ، فإنّه لا يرجى منهما فيه إلّا ما يقتضيه بغضهما ، ويوجبه حقدهما على أهل البيت النبوي (ص).
ثانيا : إنّ أكثر أئمة أهل السنّة وعلماء الشيعة جميعا يروون عن علماء التفسير من الفريقين نزول هذه الآية في خصوص علي (ع) وإن كان حكمها يتناول حمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب (رض) ونظائرهما من المؤمنين السابقين على ما حكاه الجلال السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ص ٣٢٨ من جزئه الخامس ، والإمام الرازي في تفسيره الكبير ص ١٧٦ من جزئه السابع. والحجة في هذا لأنّه متفق عليه بين الفريقين ، وثابت من طريق الخصمين ، وما عداه لو ثبت فهو من طريق واحد ومقصور فيه على دعوى أحد الخصمين خاصة ، فلا حجة فيه لسقوطه بالاتّفاق على خلافه.
ثالثا : إنّ أئمة أهل السنّة أنفسهم مختلفون في تفسيرها. فمنهم من زعم أنّها عامّة في جميع المصدقين برسول الله (ص) ، ومنهم من قال إنّها نزلت في خصوص رسول الله (ص) وحده ، دون غيره من سائر