ارتكب الكبائر ، واقترف الآثام ، وقد ثبت بالضرورة من الدين والعقل ، إنّه (ص) لم يرتكب ما يوجب عتابه ، فضلا عمّا يوجب عقابه ، فيجب صرف هذه الظواهر وحملها على ما لا يتنافى مع القرائن الشرعية القطعية ، ودلائل العقول على عصمته من كل الذنوب.
ولهذه الآيات نظائر نزل بها القرآن فمن ذلك قوله تعالى في سورة الإسراء آية ٧٢ : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى ، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى ، وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
وقوله تعالى في سورة الفتح آية ١٠ : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ).
وقوله تعالى في سورة هود (ع) آية ٣٧ : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا).
وقوله تعالى في سورة الطور آية ٤٨ : (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا).
وقوله تعالى في سورة البقرة آية ١١٥ : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) إلى غيرها من الآيات التي لا يمكن أن يراد منها ظاهرها لوجود القرائن والأدلّة العقلية ، والشرعية القطعية ، الموجبة لحملها على ما لا ينافيها وإلّا لزمكم أن تقولوا بالتضاد الباطل وذلك لوجود العمى في بعض أصحاب النبي (ص) ، وفي غيرهم من المسلمين ، في هذه الدنيا ، فلو أخذتم بظاهرها لزم أن يكونوا في الآخرة أضلّ سبيلا وهو مناف للمعقول والمنقول ، ومناف لعقيدتكم في الصحابة أجمعين.
وهكذا لو أخذتم بظواهر تلك الآيات فإنّه يلزمكم أن تقولوا إنّ لله تعالى جوارح من يد ، وعين ، ووجه ، كما في المخلوقين وبطلانه واضح لا يختلف فيه اثنان من المسلمين.
فقولنا فيما تضمنته الآية في علي (ع) لا يختلف كليّة عن قولنا في عصمة النبي (ص) فيما تضمنته تلك الآيات فما تقولونه هنا نقوله بعينه هناك.