و ٩٤ من مسنده من جزئه الثالث وغيرهما من أهل الصحاح وحملة الآثار النبويّة (ص) من أهل السنّة وصححوه.
وأنتم تعلمون أنّ بني إسرائيل قد تركوا خليفة موسى (ع) ووصيّه ووزيره هارون (ع) ، وانصرفوا إلى السامري وعجله ، فلم يمنعهم إيمانهم بنبوّة موسى (ع) من ارتكاب ذلك ، خطأ كان منهم ، أو عمدا ، فلا يمكن أن يكون ما صنعوه مختارا لله تعالى ، وكذلك ما حدث في السقيفة ، فإنّ إيمانهم برسول الله (ص) لم يمنعهم من أن يتركوا وصي محمد (ص) ، وخليفته ، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى ، ويختاروا غيره ، سواء أكان ذلك منهم خطأ أو عمدا ، وقد أكّد القرآن هذا في خطابه لأصحاب رسول الله (ص) في واقعة أحد فقال تعالى لهم لا لغيرهم في سورة آل عمران آية ١٤٤ : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).
ولم يكن هذا الانقلاب من جمهورهم انقلابا عن الإسلام ، وإنّما كان انقلابا منهم عن التمسّك بخليفته ، ووزيره ، علي أمير المؤمنين (ع) ورجوعهم إلى غيره ، واختيارهم غير من اختاره الله تعالى إماما ، وهاديا ، وخليفة لنبيّه ، وصفيّه (ص) من بعده ، كما صنع بنو إسرائيل بخليفة موسى (ع) ووزيره هارون (ع). وبذلك يتّضح لكم ما تواتر عن الصادق الأمين كما تقدم من قوله (ص) لهم : «لتتبعن سنن من كان قبلكم» وإلّا يلزمكم أن تقولوا بأنّ ما خاطب به النبي (ص) أصحابه كذب وانتحال لا أصل له ، وذلك ما نربأ بكم من أن تلتزموا به بعد ثبوت تواتره ، فيكون إنكاره جحدا للضروري وهو كفر صراح نعوذ بالله منه.