قلت : أولا : إنّ الراوين نزول هذه الآية في الخليفة أبي بكر (رض) من أهل السنّة لم يسندوه إلى رسول الله (ص) ، وإنّما أخبروا به عن مقاتل بن سليمان ، ومن كان مثله ممّن فسّر القرآن برأيه وبغير علم ، ولا هدى ، ولا كتاب منير ، وهو ومن كان على شاكلته ، لم يكونوا من أولياء الله تعالى المعصومين ، ولا ممّن يجب على المكلفين أن يقتدوا بهم ، وينزلوا على قولهم في الدين ، ويطيعوهم في الشرع المبين ، ولا سيما أنّهم ممّن يجوز عليهم تعمّد الخطأ ، وارتكاب الضلال ، وإذا كان هذا حالهم ، مع قطع النظر عمّا ثبت في تراجمهم من كتب الدراية والرجال عند أئمة أهل السنّة كما تقدم تفصيله ، وثبوت انحرافهم عن الوصي وآل النبي (ص) ، وعداوتهم لهم (ع) في السرّ والعلانية ، لم يضرنا ما زعموه من التفسير ، كما لا ينفعكم تفسيرها بمن شاءوا وأرادوا تخرصا وجزافا ، فإنّه لا يوجب شيئا من العلم واليقين بما يزعمون كما تعلمون.
ثانيا : إنّ الأخبار الصحيحة ، والدلائل المتواترة عند أهل السنّة ، قد كشفت عن حال الخليفة أبي بكر (رض) ، وأثبتت أنّه كان فقيرا ، وضعيف المعاش ، ولا خلاف على الظاهر بين العلماء من الفريقين في أنّ أبا بكر (رض) كان في الجاهلية معلما للصبيان ، وفي الإسلام خياطا يخيط الثياب ، ويعتاش ببيعها على ما سجّله السيوطي في ص ٣٠ من تاريخه ، وكان أبوه صيادا ، فلما ذهب بصره ، وصار مسكينا قيضه عبد الله بن جذعان لنداء الأضياف إلى طعامه ، وجعل له في كل يوم على ذلك أجرا درهما ، ويقول ابن حجر الهيثمي في أوائل ص ١١ من الباب الأول في بيان كيفية خلافة الصديق (رض) من (صواعقه) : «إنّ أبا قحافة لما سمع بولاية ابنه قال لا واضع لما رفعت ، ولا رافع لما وضعت».
ومن كان هذا حاله في الفقر وحال أبيه في الحاجة ، فكيف يصحّ