صِدْقٍ) منصوب على أنّه مفعول أول ل (جَعَلْنا) ، والجار والمجرور في كلمة (لَهُمْ) متعلق بفعل (جَعَلْنا) الذي يعود إلى من تقدم من ذريّة إبراهيم من الأنبياء (ع) ، ويجوز أن يكون في الآية تقديم وتأخير بأن يكون هكذا (وجعلنا عليا لسان صدق لهم) فكيف يا ترى يستقيم لهؤلاء ما يريدون والآية تأباه كل الإباء؟ ثم يا هل ترى في الله تعالى عيا من أن يقول (وجعلنا لهم ثناء حسنا ومرتفعا بين الناس) بدلا عن قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) لو كان تعالى يريده؟ وعلى الجملة إنّ الآية لا معنى لها إلّا ما ذكرنا وإلّا لكانت باطلة لا معنى لها ، وليس لها في الوجود صورة ، وبطلانه واضح ، ولكن أعداء علي (ع) ، وحاسديه ، ومبغضيه ، لا يهمهم بطلان الآية بقدر ما يهمهم صرف الآية عنه (ع) ، وحملها على معنى لا صلة بينها وبينه ، لذا أبت عليهم نفوسهم إلّا أن يغمطوا حقّه ، ويصرفوا عنه كل فضيلة ، ومنقبة ، ابتغاء مرضاة قوم لا يؤمنون ، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المبغضون ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
ثانيا : لو سلمنا لكم تنازلا أنّ الآية تريد بصاحبه أبا بكر (رض) إلّا أنّ رسول الله (ص) لم يكن محتاجا إلى أنس أحد ، كما تدعون وذلك لما يعلمه كل منّا ، ويعلمه المسلمون كلّهم أجمعون ، بأنّه (ص) مؤيد بالملائكة الكرام ، والوحي ينزل عليه من الله تعالى متواليا ، وكان جبرئيل (ع) يأتيه بالقرآن ، وكان معصوما ، موفقا ، واثقا بما وعده الله تعالى به ، من الظفر والانتصار على أعدائه ، كما يرشدكم إليه قوله تعالى في الآية : (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ، وبعض هذا فضلا عن جميعه كاف لرفع الاستيحاش عنه (ص) فأيّ حاجة به (ص) يا ترى بعد هذا إلى أنيس هو دون منزلته (ص) في الكمال ، مفتقر إلى التسكين والمداراة ، نتيجة ما ناله من الحزن والاضطراب كما نطق به القرآن ، وأخبر بحزنه وخوفه النبي (ص) في صحيح الأخبار ، وما