هي التي نهاه رسول الله (ص) عنها ، وهي صلاة الصبح ، وكانت صبح الاثنين في اليوم الذي التحق فيه رسول الله (ص) بالرفيق الأعلى.
وأمّا كون أن ذلك كان بأمر من عائشة أمّ المؤمنين (رض) دون رسول الله (ص) فيدلّكم عليه أمور :
الأول : إنّ رسول الله (ص) لم يعيّن أحدا للصلاة فيهم كما يدلّ عليه قوله (ص) في حديث (كنز العمال) المتقدم ذكره «فمن شاء أن يصلّي ، ومن شاء فليدع» فإنّه (ص) يريد التخيير في أمر الجماعة ، لا التخيير في أصل الصلاة لوضوح بطلانه فحينئذ يكون ما في ذيل الحديث من قوله «مروا أبا بكر فليصل بالناس» من الزيادات التي قضت بها السياسة في ذلك الحين ، وإلّا لم يكن لهذا التخيير في منطوق الحديث معنى يفهم ، وإن فات ذلك على واضعي تلك الزيادة ، ولم يهتدوا إلى منافاتها لصدر الحديث.
الثاني : ما أخرجه ابن عبد البر في (استيعابه) في ترجمة الخليفة أبي بكر (رض) عن عبد الله بن زمعة قال : «قال رسول الله (ص) مروا من يصلّي بالناس».
وأمّا تذييل ابن زمعة للحديث بأنّه (ص) «أمر عمر بن الخطاب بالصلاة فلما كبّر سمع رسول الله (ص) صوته قال : فأين أبو بكر يأبى ذلك والمسلمون» فإنّه من زياداته التي لم يتفطن حينما وضعها إلى أنّها تنافي مقام النبي (ص) ولا يمكن نسبتها إليه. أمّا أولا فلاستلزامه قطع صلاة الخليفة عمر (رض) وأمره (ص) بإبطال صلاته ، وجهله بلزوم تقديم أبي بكر (رض) بعد تقديمه عمر (رض) ، وأمره له بالصلاة ، ومخالفته (ص) لصريح قوله تعالى في سورة محمد (ص) آية ٣٣ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ).