فإذا كان الأمر كما ذكرنا فكيف يجوز لمسلم أن ينسب الجهل إلى النبي (ص) بأحكام شريعته ، ويعزو إليه مخالفة كتاب الله تعالى ، فيأمر عمر (رض) بقطع صلاته وإبطالها ، وقد أمره هو بإقامتها.
ثانيا : لو كان ذلك صحيحا لشاع وذاع ، حتى ملأ المسامع والأصقاع ، ولما لم يكن الأمر فيه كما ذكرنا ، علمنا أنّه موضوع لا أصل له.
ثالثا : إنّ تقديم النبي (ص) أبا بكر (رض) للصلاة إن كان واجبا على معنى لا يجوز لغيره التقدم عليه بها ، لزم ابن زمعة أن يقول إنّ رسول الله (ص) بتقديمه عمر (رض) عليه ، وأمره له بالصلاة دونه ، إمّا كان جاهلا (نعوذ بالله تعالى) بهذا الواجب ، أو كان عالما بوجوبه ، ولكنه (ص) ترك ما كان واجبا وفعل ما كان حراما ، بتقديمه (ص) عمر (رض) وأمره (ص) له (رض) بارتكاب ما هو حرام. وإذا كان يأبى الله ذلك والمسلمون على حدّ زعم ابن زمعة فكيف يا ترى لا يأباه رسول الله (ص) وهو سيد المرسلين فيأمر عمر (رض) بما يأباه الله والمسلمون؟ وليت ابن زمعة تفطن قليلا قبل أن يضع هذه الزيادة إلى أن فيها الطعن الصريح في قداسة النبي (ص) وعلوّ شأنه ، وكأن ابن زمعة لم يجد سبيلا إلى إثبات هذه الفضيلة لأبي بكر (رض) إلّا من طريق الغض من كرامة النبي (ص) ، والتنقص من قدره ، ونسبة الباطل إليه ، نعوذ بالله من التعصّب البغيض ، ونستجير به من الزلل في القول.
وإن لم يكن تقديم النبي (ص) لأبي بكر (رض) للصلاة واجبا ، بطل قول ابن زمعة (يأبى الله ذلك والمسلمون) لأنّ الله تعالى لا يأبى إلّا ما كان تركه واجبا أو فعله حراما ، وأيّا كان فذلك كلّه واضح البطلان.