الثالث : ما قدمناه من إسراع النبي (ص) بالخروج وهو في ذلك الحال من المرض الشديد ، وصلاته من جلوس صلاة المضطرّ ، فإنّ في ذلك دلائل واضحة على أنّه (ص) أراد بخروجه أن يرفع ما أذاعوه بين الناس عن أنّه (ص) هو الآمر لأبي بكر (رض) بالصلاة فيهم ، لا سيما إذا لاحظتم خطبته في رواية الطبري المتقدمة من قوله (ص) : «سعرت النار وأقبلت الفتن» الدالّ صريحا على أنّ تلك الصلاة لم تكن من أمره ، وإنّما كانت فتنة اتّخذها أصحاب الخليفة أبي بكر (رض) ذريعة لإثبات ما يبتغون ، لذا ترون أنّ رسول الله (ص) لم يعتدّ بها وصلّى مبتدئا كما في رواية الطبري ص ٤٤٩ من تاريخه من جزئه الثاني مدلا للناس على عدم اعتداده بتلك الصلاة ، الأمر الذي يدلنا بصراحة على أنّه لم يكن من أمره (ص).
الرابع : إنّ الثابت في التأريخ الصحيح وصحيح الأحاديث عند أهل السنّة إنّ الخليفة أبا بكر (رض) كان وقتئذ في جيش أسامة بن زيد وتحت إمرته ، وقد لعن رسول الله (ص) من تخلف عنه ، كما سجله محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل) فكيف يصحّ هذا مع دعواكم أنّ النبي (ص) أمره بالصلاة في الناس؟ وإلّا لزمكم أن تقولوا بتخلّفه (رض) عن جيش أسامة وذلك مع كونه مانعا من أمر النبي (ص) له بالصلاة فيهم لا يمكنكم أن تذهبوا إليه كما تعلمون.
الخامس : لو كانت تلك الصلاة بأمر النبي (ص) لما كان يناسب خطاب أمهات المؤمنين (رض) بذلك الخطاب القارص ويقول لهن «إنكن لأنتن صواحب يوسف» ولا يجوز لمسلم أن يظنّ برسول الله (ص) إلّا بما هو أهله ، فإنّ النبي (ص) أعظم خلقا وأعلى قدرا ، وأجلّ شأنا عمّا يتحدّث عنه المفترون.
ومن كل هذا ونحوه تعلمون عدم إمكان صدور مثل هذا