بكر وعمر (رض) ، من المجاهدين في سبيل الله ، يبارزان الأبطال ، ويقاتلان الشجعان من أعداء الله تعالى ، وأعداء رسوله (ص) ، وأعداء دينه ، ويكون لهما (رض) جهاد يستحقان عليه أجر المجاهدين في سبيل الله تعالى ، لاستحال على رسول الله (ص) أن يحول بينهما وبين الوفاء بعهد الله تعالى ، والمنزلة التي هي أسمى وأشرف من القعود على الإطلاق.
وفي القرآن يقول الله تعالى لنبيه وصفيه (ص) في سورة الأنفال آية ٦٥ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ). وقال تعالى في سورة التوبة آية ٨٨ : (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ ، وَأَنْفُسِهِمْ ، وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وهو صريح في جهاد النبي (ص) ، وعدم قعوده في العريش ، ولا في غيره ، وإنّه كان يحرض المؤمنين أجمعين على القتال ، فكيف يجوز لهذا القائل إن كان مسلما أن ينسب إلى رسول الله (ص) مخالفته لأمر ربه في وجوب تحريض المؤمنين على قتال الكافرين ، ويأمر الخليفتين أبا بكر وعمر (رض) بالجلوس في العريش ، وقد أمره الله تعالى بتحريضهما (رض) ، وتحريض غيرهما من المؤمنين ، على القتال ، والقرآن يقرر هذا ويوجبه بقوله تعالى في سورة النساء آية ٩٥ : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ، وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، عَلَى الْقاعِدِينَ ، دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى ، وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً).
فهذه الآية كما ترونها صريحة في تفضيل المجاهدين على القاعدين ، ولو كان القاعدون من أولي الضرر والعاهة ، فضلا عن غير أولي الضرر.