فإنّ الله تعالى فضل المجاهدين عليهم بالأجر العظيم ، فكيف يا ترى يحول النبي (ص) بين أبي بكر وعمر (رض) وبين نيلهما أجر المجاهدين في سبيل الله تعالى ، وما أرسل الله تعالى نبيه (ص) إلا لطفا لعباده ، ورحمة للعالمين أجمعين ، ليأمره بما يقربهم إلى الجنة ، وينهاهم عما يبعدهم عن النار.
ثم يقال لكم ما تقولون لو قال لكم قائل : لما كان رسول الله (ص) على علم من خوفهما (رض) من البراز وقتال الأعداء ، وأنّ نزولهما في ميدان القتال يوجب رجوعهما كما صنعا ذلك في يوم (أحد) و (حنين) و (خيبر) بالاتفاق ، فيكون أعظم الضرر على المسلمين ، ولا يؤمن من وقوع الوهن في جيوشهم برجوع شيخين من شيوخهم ، أو إنّهما يستسلمان للعدو؟ لفرط ما يلحقهما من الاضطراب رأى النبي (ص) أنّ مصلحة الإسلام وصلاح المسلمين يوجبان منعهما لطفا من الله تعالى ، ورحمة للمسلمين ، فأمر تعالى رسوله (ص) بذلك لئلا يحدث منهما مثل ما ذكرنا ، ولا شك في أنكم لا ترتضون هذا ، ولا يمكن لكم ، ولا لغيركم أن يبتغيه ، فإذا بطل هذا عندكم كان ذلك مثله باطل.
ثانيا : كيف يجوز لمسلم ، عرف رسول الله (ص) ، وقدّره حقّ قدره ، أن يقول إنّ جلوس الخليفتين أبي بكر وعمر (رض) مع النبي (ص) كان لأجل رجوعه (ص) إليهما في الرأي والتدبير ، والمسلمون كلّهم يعلمون أنّ رسول الله (ص) كان كاملا وأبو بكر وعمر (رض) كانا دونه في الكمال ، وكان (ص) معصوما ، ولم يكونا معصومين ، وكان (ص) مؤيّدا بالملائكة ، وكانا غير مؤيّدين ، وكان (ص) يوحى إليه وينزل عليه القرآن ، وهما (رض) لم يكونا كذلك ، وكان جبرئيل (ع) يخبره عن الله تعالى بما فيه مصلحة العباد وصلاح البلاد ، ولم يكونا كذلك! فأيّ حاجة يا ترى تحصل