لرسول الله (ص) إليهما في الرأي والتدبير حتى يمنعهما من أشرف الفرائض على كل حال ، ويجلسهما معه (ص) في العريش ، ويستعين برأيهما في التدبير؟.
ألا ترون معي أنّه إنّما يستعين ، ويستشير الناقص الكامل أو المساوي له في الكمال ، للاستفادة به ، لا من كان أعقل العقلاء ، وأفضل الأنبياء (ع) ، وأكمل خلق الله تعالى ، ومن كان مؤيّدا ومسدّدا من الله تعالى ، وكأنّ هذا القائل لم يجد سبيلا إلى التنويه بأبي بكر وعمر (رض) ، وكيل الفضائل لهما ، ووضع المناقب فيهما ، لا بخلا ولا كرما ، إلّا من طريق الغض من كرامة النبي (ص) ، والحطّ من قدره ، والتنقّص من مقامه (ص). وكذلك يفعل من ابتلي بداء التعصّب البغيض للمخلوقين ، دون أن يشعروا إلى ضلاله المبين.
وأمّا القول : بأنّ رسول الله (ص) قد أشفق على أبي بكر وعمر (رض) من ضرب السيوف ، وطعن الرماح ، وصانهما عن بذل النفس في سبيل الله تعالى ، فهو من أوهن الكلام وأضعفه ، وذلك فإنّ رسول الله (ص) عرض نفسه الشريفة التي هي من أعزّ الأنفس عند الله تعالى ، وعند المؤمنين أجمعين ، كما تقدّم في قوله تعالى : (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) ، وعرض بغير نفسه المقدّسة (ص) أعزّ الأنفس عند الله تعالى ، وعنده ، وعند المؤمنين وهي نفوس ابن عمّه ، وأخيه ، وأحبّ الناس إلى الله تعالى وإليه (ع) علي بن أبي طالب (ع) ، وعمّه حمزة بن عبد المطلب (ع) ، وابن عمّه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب (رض) ، وأحبائه من الأنصار والمخلصين له (ص) من أهل الإيمان ، للقتل والقتال في سبيل الله تعالى ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يقدم لذلك كل من عظمت منزلته عنده ، ويعرّضه إلى أعظم منازل الثواب والكرامة ، وكان (ص) يرى أن تخلّفه عن ذلك حطّ له عن أرفع المقامات! وأعلى المراتب