فلو قال لكم قائل ممّن لا يقول بقولكم : أكان الخليفتان أبو بكر وعمر (رض) مؤمنين ، فلا بدّ أن تقولوا نعم فيقال لكم إنّ الله تعالى قد اشترى منهما نفسيهما بالجنة والفوز العظيم على شرط أن يقاتلا في سبيل الله تعالى فيقتلا عدوه ، ويقتلهما عدوه تعالى ، فكيف يجوز أن يحكم هذا القائل عليهما بعدم الوفاء ببيع الله تعالى الذي بايعاه عليه ، ويقول إنّهما جالسان في العريش!.
وإن قال : إنّهما لم يكونا مؤمنين فقد صار إلى أمر عظيم وهو الحكم على الخليفتين أبي بكر وعمر (رض) ينفي الإيمان عنهما وذلك ممّا لا يمكن القول به وابتغاؤه والرضا به أبدا مطلقا.
خامسا : أخبرونا ما هي الحكمة يا ترى في هذا العريش ، ولما ذا يا ترى لم يصنعوا له (ص) عريشا في أحد وحنين ، وما وعدهما الله تعالى فيهما الانتصار على العدو ، كما وعدهم النصر في هذه الغزوة على ما حكاه الله تعالى في القرآن في سورة الأنفال آية ٧ (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) وهو صادق الوعد ورسول الله (ص) قد بيّن لهم مصارعهم واحدا بعد واحد على ما سجّله الإمام مسلم في صحيحه ص ١٠٢ من جزئه الثاني.
وأخرجه المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) ص ٩٦ بهامش الجزء الرابع من (مسند الإمام أحمد بن حنبل) عن جماعة من حفّاظ أهل السنّة كالإمام أحمد بن حنبل ومسلم ، والنسائي وأبي يعلى ، وابن جرير ، وغيرهم.
وأخرج أيضا في ص ٩٩ من منتخبه بهامش الجزء الرابع من (مسند الإمام أحمد بن حنبل) عن ابن جرير ، وصحّحه عن علي (ع) قال : «لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله (ص) ، وهو أقربنا إلى العدو ، وكان من أشدّ الناس يومئذ بأسا».