من هذا المستدلّ ، لقرب أبي بكر (رض) من النبي (ص) وبعد هذا المستدلّ عن عصره (ص) ، ولا يصحّ أن يغفل عنهما أبو بكر (رض) ، ولا يغفل عنه هذا القائل أو ينساه (رض) ، ولا ينساه هذا المستدل ، وإذا جاز أن يغفل عنهما أبو بكر (رض) أو ينساهما ، فلا جائز أن يغفل عنهما أصحابه (رض) أو ينسوهما مع كثرتهم ، ومسيس حاجتهم إليهما ، في ذلك الحال ، ومن حيث أنّ شيئا من ذلك لم يحدث إطلاقا علمنا أنّهما موضوعان بعده (رض) تعصّبا له.
ثانيا : لو سلمنا لكم جدلا ورودهما ، ولكنهما من آحاد الخبر ، ومثله لا يصلح أن يكون حجّة متّبعة ، لأنّه لا يوجب علما ، ولا يقتضي عملا.
ثالثا : لو كان لأبي بكر (رض) مال أنفقه على رسول الله (ص) لكان له وجه معلوم ، ومعروف ، وظاهر ، ومشهور ، ألا فانظروا إلى صدقة علي (ع) كيف اشتهرت حتى علم بها الخاص والعام ، وإلى نفقته بالليل والنهار ، سرّا وعلانية ، حتى أنزل الله تعالى في ذلك كلّه قرآنا ، ولم يخف أمره على أحد من أهل الإسلام ، ولم تخف صدقته (ع) التي قدّمها بين يدي نجواه حتى أجمع عليها المسلمون كلّهم أجمعون ، وصرّح بها رسول الله (ص) في الصحاح الجياد ، وتواتر إطعامه المسكين ، واليتيم ، والأسير ، لوجه الله تعالى ، كما ورد الحديث فيه مفصّلا في سورة الدهر : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) وذكر ذلك كل من جاء على تفسيرها من مفسّري أهل السنّة!.
بل لو كان لأبي بكر (رض) إنفاق لاشتهر في الأقل كاشتهار نفقة عثمان بن عفان (رض) في جيش العسرة ، ولما لم يكن الأمر في إنفاق أبي بكر (رض) على ما قدمنا ، كان الخبر في إنفاقه مقصورا على ابنته عائشة أمّ المؤمنين (رض) خاصّة ، وفي طريقه الشعبي ، ومن كان مثله من