آباء النبي (ص) ، وأجداده صلى الله عليه وعليهم وسلم ليعلم ثمّة صدق ما قلناه.
ثم كيف يا ترى فات على هذا القائل ، ولم يهتد إلى معرفة ما استحصل النبي (ص) من الأموال ، بعد خروجه إلى الشام ، وما وصل إليه من زوجته أم المؤمنين خديجة رضوان الله تعالى عليها التي علم الناس كافّة ما كانت (رض) عليه من الثراء وكثرة المال؟.
ولم يكن لأبي بكر (رض) ، وعمر ، وعثمان (رض) ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، ما يمكن أن يكون سببا لشيء من ذلك يسري به الفضل منه إلى من ذكرنا ، وإنّما كانوا جميعا معوزين ، فأغناهم الله تعالى برسوله (ص) ، وكانوا ضالين فهداهم الله تعالى به (ص) إلى الهدى ، وكانوا أذلّة يخافون أن يتخطفهم الناس فأعزّهم الله تعالى به (ص) ، فتمكنوا بإظهار طاعته (ص) ، والاعتراف بنبوّته (ص) ، أن يتوصلوا إلى الملك العظيم ، والجاه العريض ، والمال الكثير.
ولو فرضنا أنّ في أولئك المذكورين من كان قبل الإسلام له من الأموال ما يصحّ أن يضاف إليه الغنى واليسار ، وإن منهم من له قبيلة يمتاز بها في الشرف عمّن سواه ، ولكن لا مجال لكم أن تشكوا ، وأنتم واقفون على التأريخ الصحيح عند أهل السنّة ، في فقر أبي بكر (رض) كما تقدّم تفصيله ، وإنّه (رض) كان من أقلّ حيّ في قريش على ما حكاه ابن الأثير في كامله في حديث السقيفة ، وغيره من أمناء التأريخ عند أهل السنّة ممّن جاء على ذكر السقيفة وما وقع فيها من التنازع والاختلاف.
ومن هذا وأضعاف أمثاله تعلمون عدم يساره (رض) ، وعدم إنفاقه على رسول الله (ص) ، وعدم نفعه (رض) له (ص) بشيء ممّا ادّعاه هذا المستدلّ.