ترجيح بلا مرجح ، وتخصيص بلا مخصص ، وكلاهما باطلان شرعا وعقلا ، ولأنّ كل ما أوردتموه من عمومات القرآن ومطلقات الأحاديث يدلّ على مساواتهم في الفضل لو صحّ نزول شيء منها ، أو ورودها فيهم ، فلما ذا يا ترى نصّ الخليفة أبو بكر (رض) على خصوص عمر (رض) ، وأدلى بها إليه من دون غيره من أصحاب رسول الله (ص) ، وكلّهم بمنزلة واحدة في العدالة والفضل بمقتضى تلك العمومات وهاتيك الروايات إن لم نقل بوجود من هو أسبق إسلاما ، وأكثر جهادا ، وأكثر إنفاقا من عمر (رض) في أصحاب النبي (ص) لو صحّ ثبوت شيء من ذلك له (رض)؟ ولما ذا يا ترى ترجيح عثمان بن عفان (رض) للخلافة على غيره من أهل الشورى ، والآيات والروايات لا دلالة في شيء منها على هذا الترجيح ، مع وجود من هو أفضل منه ، أو مساو له في أصحاب النبي (ص) في الفضل كما ذكرنا؟ فإن زعمتم ورود روايات ونزول آيات في الخلفاء الثلاثة (رض) على الخصوص فيقال لكم :
أولا : إنّه لو كان لها وجود لاحتجوا بها يوم السقيفة على استحقاقهم الخلافة دون غيرهم ممّن حضر فيها ، ومن حيث أنّهم لم يذكروها ولم يحتجوا بشيء منها مع شدّة حاجتهم يومئذ إليها كما قدمنا علمنا أنّها موضوعة لا أصل لها.
ثانيا : إنّ ورود الروايات بالخصوص عندكم في فضل غير الخلفاء الثلاثة من العشرة المبشّرة موجب إمّا لتفضيلهم على الخلفاء الثلاثة ، أو تساويهم في الفضيلة. فإن أوجبت تلك استحقاق أبي بكر وعمر وعثمان (رض) للخلافة أوجبت هذه الخلافة لغيرهم من بقية العشرة لا سيما أنّ حديث العشرة المبشّرة يدلّ بوضوح على أنّهم جميعا بمنزلة واحدة فحكمهم واحد وإلّا لزمكم أحد أمرين :
إمّا أن تختاروا الترجيح بلا مرجح الباطل عقلا وشرعا ، أو