تختاروا مخالفة النبي (ص) في مساواته بينهم وعدم ترجيحه لواحد منهم على الآخرين ، اللهم إلّا أن يرجع المرجح للخلفاء الثلاثة (رض) على غيرهم من الصحابة إلى التعصّب البغيض لهم ، وذلك مما نربأ بكم عن ابتغائه وقبوله. هذا كلّه فيما إذا كانوا يعلمون بنزول تلك الآيات في خلافتهم (رض) وورود هاتيك الروايات في إمامتهم.
إمّا إذا كانوا لا يعلمون بشيء منها ، مع حضورهم حين نزولها وصدورها عن رسول الله (ص) ، فيقال لكم : كيف يا ترى يكون من المعقول أن تعلموا بها أنتم وقد تأخّر عصركم عن عصرهم ، وكنتم بعيدين عن زمان نزولها ، ووقت صدورها ، سنين طويلة ، وهم مع قربهم من زمن النبي (ص) ، وحضورهم بحضرته (ص) ، لم يعلموا بها؟ إنّ هذا من أعجب العجائب لا يمكن لمثلكم قبوله!.
نعم يا صاحبي إنّ تركهم الاحتجاج بشيء منها ، وعدولهم عنها إلى غيرها ، ممّا لا دليل لهم فيه على إثبات خلافتهم (رض) كما قدمنا ليرشدكم إمّا إلى بطلان نزولها فيهم وورودها في خلافتهم ، أو بطلان دلالتها على شيء من أمر خلافتهم (رض) كما عليه إجماع المسلمين من الشيعة وأهل السنّة.
أمّا الشيعة فقد أجمعوا على انتفاء الإجماع الشرعي على خلافته ، وأنّه (رض) لم يكن مختارا من الله تعالى ، ولا من رسول الله (ص) ، وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان منهم ، ويعتقدون بأنّ المتفقين عليه (رض) في السقيفة كانوا بعض الأمّة وكانوا مخطئين في ذلك كما تقدّم تفصيله.
وأمّا أهل السنّة فقد نقل هذا الإجماع النووي في شرحه لصحيح مسلم ص ١١٩ من جزئه الثاني في باب الاستخلاف عند قول الخليفة عمر بن الخطاب (رض) لما قيل له : «ألا تستخلف قال : فإن