إلى النسخ أو إلى العلم بالنسخ ، والثاني باطل ، فإنّ العلم غير مؤثّر في الرفع ، فيتعيّن الأوّل.
الخامس : النسخ إباحة ترك الفعل بعد إيجابه ، أو إباحة فعله بعد حظره ، فلا يتوقّف على علم من أبيح له ، كما لو قال لزوجته : إن خرجت بغير إذني فأنت طالق ، ثم أذن لها من حيث لا تعلم ، فإنّه يثبت حكم الإباحة في حقّ الزّوجة ، ولا يقع الطّلاق بخروجها.
احتجّ المخالف بأنّ النسخ له لازم ، وهو ارتفاع حكم الخطاب السابق ، وامتناع الخروج بالفعل الواجب أوّلا عن العهدة ، ولزوم الإتيان بالفعل الواجب الناسخ ، والإثم بتركه ، والثواب على فعله ، وهذه اللّوازم منتفية ، فينتفي ملزومها.
أمّا عدم ارتفاع الحكم السابق ، فلأنّ المكلّف يثاب على فعله ، ويخرج به عن العهدة ، ويأثم بتركه له قبل بلوغ النسخ إليه ، ولهذا فإنّ أهل «قبا» لمّا بلغهم نسخ التوجّه إلى بيت المقدس بالتوجّه إلى الكعبة استداروا ، ولم يأمرهم صلىاللهعليهوآلهوسلم بإعادة ما فعلوه إلى الجهة المنسوخة.
وأمّا عدم لزوم الخطاب بالنسخ للمكلّف قبل البلوغ ، فلقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) ، وقوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(٢).
__________________
(١) الإسراء : ١٥.
(٢) النساء : ١٦٥.