والباقون قالوا : إنّه تعالى علم أنّ جميع هذه الأمّة لا يتّفق على خطأ ، وإن جاز الخطأ على كلّ واحد بانفراده ، فللإجماع تأثير.
واحتجّت الإمامية على أنّه حجّة بأنّ زمان التكليف لا يخلو عن إمام معصوم ، فيكون الإجماع حجّة.
أمّا الاولى فلأنّ كلّ زمان لا يخلو من إمام ، لأنّه لطف ، للعلم الضّروريّ بأنّ الخلق مع وجود رئيس قاهر يمنعهم عن القبائح ، ويحثّهم على الواجبات ، يكون حالهم في الإتيان بالواجبات والانتهاء عن القبائح أتمّ من حالهم إذا لم يكن لهم هذا الرئيس ، واللّطف واجب ، لأنّه يجري مجرى التمكين في كونه إزاحة لعذر المكلّف ، ولمّا كان التمكين واجبا ، كان اللطف كذلك.
وإنّما قلنا : إنّه يجري مجراه ، لأنّ الواحد منّا إذا دعا غيره إلى أكل طعامه ، وكان غرضه نفعه ، وبقي عليه الى وقت التناول ، وعلم أنّه لا يطيعه إلّا إذا استعمل معه نوعا من التواضع ، فإنّ ترك ذلك النوع يجري مجرى ردّ الباب عنه ، ومنعه من الدّخول.
وأيضا لو لم يجب فعل اللطف من المكلّف لم يقبح منه فعل المفسدة ، لعدم الفرق بين فعل يختار المكلّف عنده القبيح وبين ترك ما يخلّ المكلّف عنده بالواجب ، فثبت أنّ اللطف واجب ، وأنّه لا بدّ في كلّ زمان تكليف من إمام.
ويجب أن يكون معصوما ، وإلّا لزم التسلسل ، لأنّ العلّة المحوجة إلى