وعن الثالث : بما تقدّم.
قال أبو الحسين (١) استدلّ بهذه الآية بأنّ أمره بالاعتصام بحبل الله تعالى يدلّ على أنّهم قد اعتصموا به وهو باطل ، لأنّ الأمر لا يدلّ على وقوع امتثاله.
قال : ويمكن أن يستدل من وجوه.
الأوّل : أهل العصر إذا أجمعوا على قول لم يجز لبعضهم تركه وإلّا كانوا قد تفرقوا وقد نهي عنه.
الثاني : إذا أجمع أهل العصر على قول لم يجز لأهل الثاني أن يخالفوهم وإلّا كان أهل العصر الثاني قد تفرّقوا.
الثالث : إذا خالف أهل العصر الثاني أهل الأوّل صار أهل الأوّل مع الثاني متفرّقين ، والنهي يمنع منه.
وأجاب عن الأوّل : بأنّ ما أجمعوا عليه إن كان حقّا فقد حرم عليهم التفرّق عنه ، وإن كان خطاء وجب عليهم بأجمعهم العدول عنه والاجتماع على الحق وأن لا يتفرّقوا عنه ، فالمخالف يقول : إنّه محرم عليهم التفرّق وإن لم يجعل الإجماع حقّا.
وعن الثاني : أنّه لا يوصفون بأنّهم متفرّقون إذا أجمعوا على مخالفة أهل الأوّل ، فإن افترقوا هم على قولين فقد نهوا عن ذلك ، لأنّه يجب عليهم الاجتماع على الحق.
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٤.