وإن لم يعلم اتّحاد الطريقة فالحق جواز الفرق لمن بعدهم ، عملا بالأصل السالم عن معارضة مخالفة حكم مجمع عليه ، أو علّته (١) ؛ ولأنّ منع المخالفة يستلزم أن من قلّد مجتهدا في حكم أن يوافقه في كلّ حكم ذهب إليه ، وهو ظاهر البطلان.
احتجّ المانعون من الفصل مطلقا بأمرين :
الأوّل : إذا قال نصف الأمّة بالتحريم في المسألتين ونصفها بالتحليل فيهما ، فقد اتّفقوا على أنّه لا فصل بين المسألتين ، فيكون الفصل ردا للإجماع.
الثاني : إذا اختلفت الأمّة على قولين فقد أوجبت كلّ طائفة منهما القول بقولها أو بقول الأخرى ومنعت من غيرهما ، فتسويغه رفع لهذا الإجماع.
والجواب عن الأوّل : ليس النزاع فيما إذا نصّوا على اتّحاد الحكم أو علّته ، فإن أردتم أنّ كلّ قائل بأحد المسألتين قائل بالأخرى فهو مسلّم ، لكن نمنع (٢) عدم الفصل حينئذ فإنّه المتنازع.
وعن الثاني : أنّهم أوجبوا بشرط عدم الفرق من بعض المجتهدين بين المسألتين ، فإن منعوا الالتفات إلى هذا الشرط ، فهو النزاع.
وقال بعض العلماء : يجوز الفصل مطلقا ، لأنّ ابن سيرين قال في زوج وأبوين : للأمّ ثلث الباقي ، وقال في زوجة وأبوين : للأم ثلث الأصل ؛ فقال
__________________
(١) في «ج» : عليّته.
(٢) في «أ» : يمنع ، وفي «ب» : منع.