لا نظفر من ذلك بعلّة معلومة ، وليس لكم أن تجعلوا العلّة في الأصل كونه إجماعا أولى من أن يجعلها كونه إجماعا مبتدأ ، على أنّه قد حكى قاضي القضاة في الدرس عن قوم أنّهم قالوا : اتّفاق الصحابة بعد اختلافهم لا يحرّم الخلاف.
واحتجّ المخالف بوجوه (١) :
الأوّل : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٢) أوجب الردّ إلى كتاب الله عند التنازع ، وهو حاصل ، لأنّ حصول الاتّفاق في الحال لا ينافي ما تقدّم من الخلاف ، فوجب فيه الردّ إلى كتاب الله تعالى.
الثاني : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهديتم» جوّز الأخذ بقول كلّ واحد من الصحابة وأطلق ، وهو يتناول ما حصل بعده إجماع وما لم يحصل.
الثالث : اختلافهم على قولين يتضمّن الإجماع على الأخذ بأيهما كان ، فلو انعقد الإجماع الثاني تصادم الإجماعان.
الرابع : لو كان قولهم إذا اتّفقوا حجّة لكان قول إحدى الطائفتين إذا ماتت الأخرى حجة ، والتالي باطل ، لأنّ الموت لا يصيّر ما ليس بحجّة حجّة ، فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة ، لأنّ المقتضي وهو كون المجمعين في العصر الثاني كلّ المؤمنين موجود في الطائفة الباقية.
__________________
(١) ذكرها الرازي والأجوبة عنها في المحصول : ٢ / ٦٧ ـ ٦٩.
(٢) النساء : ٥٩.