نحكم بالظاهر والله يتولّى السّرائر» (١) فيدخل فيه الإجماع المنقول بخبر الواحد لكونه ظاهرا ظنيا ، ولأنّ نقل الظني موجب للعمل فالقطعي أولى.
احتجّ المخالف بأنّ الإجماع أصل من أصول الدين فلا يثبت بخبر الواحد لكونه ظاهرا ظنّيا ، ولأنّ الإجماع المنقول آحاد أصل من أصول الفقه ، كالقياس وخبر الواحد عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك ممّا لم يرد من الأمّة فيه إجماع قاطع يدل على جواز الاحتجاج به ، ولا نصّ قاطع من كتاب أو سنّة وما عدا ذلك فمن الظواهر غير محتجّ بها في الأصول وإن احتج بها في الفروع.
والجواب : كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أصل من أصول الدين ، وقد قبل فيه خبر الواحد.
وبالجملة فالمسألة دائرة على اشتراط كون دليل الأصل مقطوعا به ، وعلى عدم اشتراطه ، فمن اشترط القطع منع من كون خبر الواحد مفيدا في نقل الإجماع ، ومن لم يشترط ذلك كان الإجماع المنقول على لسان الآحاد عنده حجّة.
والظهور في هذه المسألة للمعترض من الجانبين ، إمّا من جهة النافي فإن يقول : لا نسلم أنّ نقل كلّ ظنّي موجب للعمل بمقتضاه ، وإمّا من جهة المثبت فإن يقول : لا نسلم امتناع إثبات الأصول بالظواهر.
__________________
(١) شرح صحيح مسلم للنووي : ٧ / ١٦٣. لم أعثر على هذا النص في كتب الحديث المشهورة ، لكنّه اشتهر بين الفقهاء والأصوليين ، وقد جزم الحافظ العراقي والمزي بأنّه لا أصل له ، وقال الزركشي : لا يعرف بهذا اللفظ. راجع كشف الخفاء للعجلوني : ١ / ١٩٢ ـ ١٩٣.