اعترض بالفرق ، لأنّ الدليل إذا دلّ على امتناع الخطأ من الرسول فيما يقول فكذا الأمّة ، فلو قال الرسول قولا وحكم من غير دليل لكان حقّا ، لاستحالة الخطأ عليه ، غير أنّه يمتنع منه الحكم والقول من غير دليل ، لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(١).
وأمّا الأمّة فقد دلّ الدليل على استحالة الخطأ عليهم فيما أجمعوا عليه ، ولم يدلّ على أنّهم لا يحكمون إلّا عن دليل ، فافترقا.
وفيه نظر ، لأنّ القول من غير دليل خطأ في نفس الأمر ، فلا يجوز صدوره من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل لمّا دلّ الدّليل على عصمته دلّ على أنّ قوله عن دليل.
الرابع : لو جاز أن يحكموا من غير مستند ، لجاز لكلّ واحد ، فإنّهم إنّما يجمعون على الحكم بأن يقول كلّ واحد منهم به ، ولو جاز ذلك لآحادهم لم يكن للجمع مزية في ذلك على الآحاد.
اعترض بالمزية من حيث إنّ إجماعهم يكون حجّة بخلاف قول كلّ واحد.
وبأنّ جواز ذلك للآحاد مشروط بضم قول الباقي إليه ، لا أنّه جائز من غير ضم ، ولا كذلك قول الجميع ، فإنّه جائز على الإطلاق.
وفيه نظر ، لأنّ المستدلّ نفى المزية في هذا الحكم لا في كونه حجّة ، وتجويز ذلك لكلّ واحد بشرط انضمام قول الآخر إليه مستلزم للدور ، لأنّ
__________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.