لم يكن العامي مستدلّا ، ولا يلزم من عدم اشتراط موافقة الصبيان والمجانين عدم اشتراط موافقة العامّة ، لما بينهما من التفاوت في قرب الفهم في حقّ العامة الموجب للتكليف وبعده في حقّ الصبيان والمجانين المانع من التكليف.
وفيه نظر ، فإنّ الإجماع إذا توقّف على الدليل وجب الرجوع إليه ، سواء انضم إليه قول العامّي أو لا ، فإنّ انضمام قول العامّي اتّفاقي كطلوع الشمس معه ، وكما لا يجوز جعل طلوع الشمس شرطا فكذا انضمام قول العامّي.
وعلى الخامس : أنّه وإن كان يجب على العامّي الرّجوع إلى قول العلماء ، فليس في ذلك ما يدلّ على أنّ أقوال العلماء دونه حجّة قاطعة على غيرهم من المجتهدين من بعدهم ، لجواز أن يكون الاحتجاج بأقوالهم على من بعدهم مشروطا بموافقة العامة لهم وإن لم يكن ذلك شرطا في وجوب اتّباع العامّة لهم فيما يفتون به.
وفيه نظر ، لأنّ قول العامّي ليس حجّة لا بانفراده ولا مع انضمامه ، والعبرة في قول العلماء خاصة ، فلا يجوز أن يكون شرطا في أصله.
وعلى السادس : أنّ قول العامّي في الدين من غير دليل وإن كان خطأ ، لكن لا نمنع من كون موافقته للعلماء في أقوالهم شرطا في الاحتجاج بها على غيرهم.
وفيه نظر ، فإنّ ما يعلم كونه خطأ لا يجوز جعله شرطا في الحجة.