السابع : الأمّة إنّما عصمت عن الخطأ في استدلالها ، لأنّ إثبات الأحكام الشرعية من غير دليل خطأ ، والعامي ليس من أهل الاستدلال ، فلا يتصوّر ثبوت العصمة في حقّه. (١)
وفي الأوّل نظر ، لأنّ تخطئة العالم في الحكم مغايرة لتخطئة العامّي في القول بغير دليل ، وذلك يستلزم تخطئة كلّ واحد لا فيما اتّفقوا عليه ، فيكون بمنزلة الثالث إذا لم يرفع إجماعا ، وإنّما هو محال عند الإمامية.
واعترض على الثاني باحتمال أن يكون العامّي لا يتصوّر منه الإصابة لو انفرد بالحكم ، فما المانع من تصويبه مع الجماعة بتقدير موافقته لهم في أقوالهم ، ولا شك في أنّ العامّي مصيب في موافقته للعلماء ، وعلى هذا جاز أن تكون موافقته شرطا في جعل الإجماع حجّة.
وفيه نظر ، لأنّ قول العلماء إن كان حقّا لم يعتبر موافقة العامّي فيه ، فاستحال جعلها شرطا في كونه حجّة ، بل شرط كونه حجّة كونه حقّا ؛ وإن كان خطأ لم يصر بموافقة العامّي حقّا ، فلا يكون شرطا في كونه حجّة.
وعلى الثالث : نمنع إجماع الصحابة عليه.
وعلى الرابع : أنّه وإن كان لا بدّ في الإجماع من الاستدلال ، لكن من أهل الاستدلال أو مطلقا ، والأوّل مسلم والثاني ممنوع. وعلى هذا أمكن أن يكون موافقة العامّة للعلماء المستدلّين شرطا في جعل الإجماع حجّة وإن
__________________
(١) ذكر الآمدي ستة من هذه الوجوه مع الاعتراضات الواردة عليها والأجوبة عنها في الإحكام : ١ / ٢٨٤ ، المسألة الخامسة.