وليس بجيّد فإنّا لا نريد إضافة الأمرين معا في كلّ خبر ، بل أحدهما.
وعن السادس : انّ الصّدق والكذب إنّما يعرضان لخبر مغاير للمخبر عنه حتى يتصور فيه المطابقة فيحكم بصدقه ، وعدمها عدم الملكة فيحكم بكذبه ، وهنا اتحدا فلا يدخله الصدق والكذب.
وقيل في الحدّ الخبر ما يحتمل التصديق والتكذيب ، أو أنّه ما يقال لقائله : إنّه صادق أو كاذب.
واعترض (١) بأنّ التصديق والتكذيب عبارة عن الإخبار عن كون الخبر صدقا أو كذبا ، فقولنا : الخبر ما يدخله التصديق والتكذيب جار مجرى أن يقال : الخبر هو الذي يجوز الإخبار عنه انّه صدق أو كذب ، فيكون تعريفا للخبر بالخبر ، وبالصدق والكذب.
والأوّل تعريف الشيء بنفسه ، والثاني بما لا يعرف إلّا به.
وقال أبو الحسين (٢) : الخبر كلام يفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور إثباتا أو نفيا. واحترز «بنفسه» عن الأمر ، فإنّه يفيد وجوب الفعل لا بنفسه ، لأنّ ماهية الأمر استدعاء الفعل ، والصيغة لا تفيد إلّا هذا القدر. ثمّ إنّها تفيد كون الفعل واجبا تبعا لذلك ، وكذا القول في دلالة النهي على قبح الفعل ؛ فأمّا قولنا : هذا الفعل واجب أو قبيح ، فإنّه يفيد بصريحه تعلّق الوجوب والقبح بالفعل.
__________________
(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ١ / ١٠٣.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٧٥.