اعترض (١) أبو الحسين والمرتضى بشيء واحد وهو : أنّ الدليل ليس إلّا ترتيب العلوم بأحوال المخبرين ، وهذا أمر حاصل للعامّة والمراهقين بحصول علوم كثيرة لهم ، وهم قادرون على استنتاج علوم أخر من تركيبها اذا كانت مقدّماتها قريبة من الطبع ، وإن عجزوا عن المسائل الغامضة كحدوث العالم ووجود الصانع والاستدلال على صفاته ، وسيأتي بيان غموض الدليل لو كان.
الثاني : كلّ عاقل يجد من نفسه العلم بوجود مكة وبغداد والبلاد النائية عند تواتر الأخبار عليه ، مع أنّه لا يجد من نفسه سابقة فكر ونظر فيما يناسبه من العلوم المتقدّمة عليه ولا في ترتيبها المفضي إليه ، ولو كان نظريا لتوقّف على المقدّمات وترتيبها.
الثالث : العلم بخبر المتواتر لا ينتفي بالشبهة ، وهذه هي أمارة الضرورة.
الرابع : لو كان نظريا لأمكن الإضراب عنه كما في سائر النظريات ، وحيث لم يمكن ذلك دلّ على كونه ضروريا.
الخامس : لو كان نظريا لوقع فيه الخلاف بين العقلاء كغيره ، وحيث لم يقع كان ضروريا.
احتجّ القائلون بأنّه نظري بوجوه (٢) :
__________________
(١) ذكر الوجه الأوّل والاعتراض عليه والجواب عنه الرازي في المحصول : ٢ / ١١٠ ، المسألة ٣.
(٢) ذكر هذه الوجوه والأجوبة عنها الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٢.