ثمّ إنّ جميع الفرق يصحّحون تواترهم بهذه الطريقة ، فلا أولوية في قبول أحدهم دون الباقين.
ونمنع استيصال بخت نصّر ، لأنّهم أمّة عظيمة يمتنع فيهم ذلك.
ولو لم يكن النصارى في المبدأ قد بلغوا حد التواتر لم يكن شرعه حجة إلى زمان ظهور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهذه الأسئلة والمعارضات لا شك في فساد بعضها ، لكن ذلك إنّما يكفي في ادّعاء الظنّ القوي لا اليقين التام.
وقول أبي الحسين : «إنّ الاستدلال بخبر التواتر على صدق المخبرين سهل متقرر في العقول حتى الصبيان والبله» ليس بحق ، ولا يتمّ مقصوده إلّا بعد الجواب عن هذه الإشكالات. وإنّما يمكن بعد تدقيق عظيم ، وكلّ عاقل يعلم أنّ علمه بوجود مكة ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أظهر من علمه بصحّة هذه الدلالة ، وإبطال ما فيها من الأقسام سوى القسم المطلوب ، ولا يجوز بناء الواضح على الخفي.
فالحقّ أنّ العلم الحاصل عقيبه ضروري ، ولا يحتاج إلى الجواب حينئذ. (١)
__________________
(١) بحث الرازي هذه المسألة بصورة موسعة وذكر الوجوه والاعتراض عليها والأجوبة عنها. راجع المحصول : ٢ / ١١١ ـ ١٢٧ ، المسألة ٤.