موجودة حال حصول الحرف الأخير ؛ ومسبوقية الشيء بغيره ليست صفة ، وإلّا لكانت حادثة ، فمسبوقيتها بالغير صفة أخرى وتسلسل ؛ وإذا كانت المسبوقية عدمية ، استحال أن يكون جزء العلة أو شرطها.
وفيه نظر ، فإنّ العلم الضروري حاصل عنه تعالى عقيب تواتر الأخبار لحصول العلم بالمحسوس عقيب الإحساس منه تعالى.
واحتجّ منكرو (إفادة التواتر عن الماضي العلم) (١) بوقوعه عن أمور باطلة ، كتواتر اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم مع كثرتهم وتفرّقهم في الشرق والغرب في أمور باطلة عند المسلمين ، وهو يقدح في التواتر.
لا يقال : شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة ، وهو منتف في هذه الفرق ، لقلّة اليهود في زمن بخت نصر والنصارى في الابتداء وكذا المجوس.
لأنّا نقول : ليس الطّريق إلى استواء الطّرفين والواسطة العقل المحض.
والنقل إن كان من الواحد لم يفد العلم إلّا أن يكون معصوما.
أو من الجمع بأنّ يخبر أهل التواتر على كثرتهم أنّهم كانوا كذلك أبدا ، لكن كما يدّعي المسلمون ذلك كذا هذه الفرق.
والمركّب من العقل والنقل بأن يقال : لو كان خبرنا موضوعا لعرّفنا أنّ الأمر كذلك. وقد عرفت ضعف ذلك.
__________________
(١) ما بين القوسين يعني : كون التواتر عن الأمور الماضية مفيدا للعلم.