وبهذا التقدير تسقط الحجّة بقولهم ، ولزم الحاكم ردّ قولهم ، وإقامة الحد عليهم.
وهذا الجواب يقتضي القطع بكذب واحد ، والقطع بأنّ قول الخمسة لا يفيد العلم أصلا ، أو القول بأنّه لا يلزم من كون قول خمسة مفيدا للعلم أن يكون قول كلّ خمسة كذلك.
وقال أهل العراق عن القسامة : إنّه يحلف خمسون من المدّعى عليهم أنّ كلّ واحد منهم ما قتل ، ولا عرف قاتلا ، فكلّ واحد يخبر عن غير ما يخبر عنه الآخر.
وعند الإمامية والشافعية يحلف خمسون من المدّعين كلّ واحد منهم بحسب اعتقاده ، فخبر كلّ واحد غير خبر الآخر.
وقال آخرون : إنّ أقلّ عدد يحصل التواتر معه اثنا عشر بعدد نقباء بني إسرائيل ؛ قال تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(١) خصّهم بذلك العدد بحصول العلم بخبرهم.
وقال أبو الهذيل : أقلّه عشرون ، لقوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)(٢) أوجب الجهاد على العشرين ، وإنّما خصّهم بالجهاد لأنّهم إذا أخبروا حصل العلم بصدقهم.
وقال قوم : أقلّه أربعون ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ
__________________
(١) المائدة : ١٢.
(٢) الأنفال : ٦٥.