الثالث : روي عن شعبة (١) : «أنّ نصف الحديث كذب» (٢).
والداعي إلى الكذب إمّا من جهة السلف ، وهم منزّهون عن تعمّد الكذب. وإنّما يقع لوجوه (٣) :
أ. أن يكون الراوي يروي نقل الخبر بالمعنى ، فيبدل لفظا بآخر يتوهّم أنّه لمنزلته ، وهو لا يطابقه.
ب. ربّما نسي لفظا ، لأنّهم لم يكن من عادتهم الكتابة لما يسمعونه فيبدله بغيره ، وربّما نسي زيادة يصحّ بها الخبر.
ج. ربّما روى عن الواسطة ونسي ذلك فأسنده إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم توهما أنّه سمعه منه لكثرة صحبته له ، ولهذا كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يستأنف الحديث إذا دخل عليه شخص ليكمل له الرواية ؛ كما روي أنّه قال : «الشؤم في ثلاثة : المرأة والدار والفرس» (٤) ، فقالت عائشة : إنّما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك حكاية عن غيره. (٥)
__________________
(١) هو شعبة بن الحجّاج بن الورد ، أبو بسطام الأزدي العتكي مولاهم ، نزيل البصرة (٨٢ أو ٨٣ ـ ١٦٠ ه) روى عن الحسن وسمع من معاوية بن قرة وعمرو بن مرة والحكم وسلمة بن كهيل وخلق كثير. وعنه : أيوب السختياني وابن إسحاق وسفيان الثوري وغيرهم. تذكرة الحفاظ : ١ / ١٩٣ برقم ١٨٧.
(٢) فيض القدير : ٦ / ٢٨٠ ؛ عدة الأصول : ١ / ٩٠ ، تحقيق محمد رضا الأنصاري.
(٣) ذكرها الرازي أيضا في المحصول : ٢ / ١٥٢.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٥٥٦ ح ٤٩١٢ ؛ تهذيب الأحكام : ٧ / ٣٩٩ ح ١٥٩٣ ؛ صحيح البخاري : ٣ / ٢١٧ ؛ صحيح مسلم : ٧ / ٣٤.
(٥) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢٦ ؛ المحصول : ٢ / ١٥٢.