كون فعلكم مصلحة فلم لا يجوز كون الفعل مصلحة إذا ظننا كذب الراوي أو اشتهينا فعله ، وإذا اخترناه وأن يرد التعبّد بذلك.
لأنّا نقول : أجاب قاضي القضاة (١) بجواز كون هذه الأشياء أسبابا يجب عندها الفعل.
وأجاب أبو الحسين (٢) : بأنّا جوّزنا كون الفعل مصلحة عند حالة من حالاتنا ، ثمّ بيّنّا أنّ ظن صدق الراوي ممّا يشهد العقل بجواز كونه شرطا في المصلحة بما ذكرناه من الحكم بالبيّنات ، وكما أنّ العقل شاهد بذلك فهو شاهد بأنّ ما ذكرتموه لا يكون شرطا في وجوب الفعل ، على أنّ القول بأنّه «ينبغي أن يعمل الإنسان بما يشتهيه» إسقاط للتكليف ، لأنّه بمنزلة أن يقال : افعل ما تختاره دون ما لا تختاره ، ونحن إنّما نتكلّم في تكليف على صفة هل يحسن أم لا؟ وقصد السائل أن يلزمنا على هذا التكليف تكليفا آخر على صفة أخرى ، وليس قصده إلزامنا إسقاط التكليف ، فقد ظهر أنّه لم يلزم ما قصد إلزامنا.
لا يقال : يجوز أن يقال : إذا اخترت الفعل واشتهيته ولم يصرفك عنه صارف فقد وجب عليك فعله ما دمت مريدا له ، وإن لم تكن مختارا لم يجب عليك.
لأنّا نقول : لا يجوز ذلك ، لأنّه والحال هذه لا بدّ من كونه فاعلا ، فإيجاب ذلك لا يصحّ.
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٠٥.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٠٥.